الخميس، ٢١ يونيو ٢٠٠٧

خواطر حول الوضع الفلسطيني (2)

يجب علينا التفريق بين شيئين، الأول عملية التطهير العسكرية نفسها التي قامت بها كتائب القسام، والثاني ما صاحَبَ ذلك من بعض الأعمال العنفوانية العشوائية الانفعالية، كنزع علم فلسطين ووضع راية حماس الخضراء، وقوع صورة ياسر عرفات وعباس ووضع الأقدام عليها، تسيير الموقوفين من جهاز الأمن الوقائي عرايا إلا مما يستر عورتهم وأيديهم فوق رؤوسهم، طريقة إعدام الخائن سميح المدهون...إلخ.

فالأمر الثاني، لا أظن أن أحداً منا يقره، ولا حتى قيادات حماس نفسها، فلازالت حماس تعمل من أجل التوافق ومصلحة الشعب الفلسطيني كله، وتاريخها منذ 20 عاماً يدلل على ذلك، فهي لم تفرق بين أي فلسطيني وآخر، وتعاونت مع كل الفصائل من أول تأسيسها حتى حكومة الوحدة الوطنية، فمستحيل أن يتهمها أحد بإعلاء الروح الفصائلية عن الروح الوطنية.

أما الأحداث التي أفردناها عاليه، فهي خطيرة وغريبة بالفعل ويجب أن يُحاسَب فاعلوها، ولكنها كما ذكرتُ – من وجهة نظري – لا تعدو كونها تصرفات فردية انفعالية عشوائية، ناتجة عن كبتٍ عاش تحته كل مواطن مظلوم تحت سيطرة القيادات الفاسدة وبخاصة الملتزمين وبخاصة من حركة حماس. مع اعترافي بأن ذلك أيضاً ليس عذراً، ولكنه مجرد تفسير.

أما الأمر الأول، ففيه شقين، السيطرة العسكرية نفسها، وطريقة هذه السيطرة. فالسيطرة في حقيقة الأمر حدث هام جداً وكان يجب حدوثه، فقد وصل حد الرعب الذي عاشه كل أبناء الشعب لقدر لا يصدقه أحد، وتم اقتحام المساجد وقتل الملتحين ونزع نقاب النساء، واقتحام المنازل. هذا بالطبع فضلاً عن إطلاق الرصاص العشوائي، وفرض الحصار على حركة الناس في الشوارع، الأمر الذي دعى حماس لمناشدة الرئيس عباس، والمجتمع العربي والدولي للتدخل، ووافقوا على عدم تصعيد الأمور لتجنب الفتن، ورحبوا بالذهاب إلى مكة واحتفلوا بنتائجه ولكن دحلان ومجموعته المدعمة من الأمريكان والصهاينة لم يهدأ لهم بال حتى يفسدوا الاتفاق، فاستمروا في تأجيج الصراعات بالأعمال التي ذكرناها آنفاً، فصبرت حماس أكثر وأكثر، وجاءت حوارات القاهرة أكثر من مرة بين الفصائل، ووعدت حماس بإنهاء ردها على أعمال فتح، ولكن فتح عادت إلى الأراضي وكأن شيئاً لم يكن، فماذا كان المطلوب من حماس؟ أن تظل صامتة على الدوام وتحول القطاع كله لمنطقة أعمال إجرامية ولا تحرك ساكناً؟؟!

أما الشق الثاني، طريقة السيطرة، فمن المؤكد أن أحداً لم يكن يحب أن تصل الأمور للحد الذي وصلت إليه، ولكن من الواضح أن قوات الأمن الوقائي وغيرها من قوات فتح، هي التي أصرت على الدخول في هذه المواجهة ورفضت التسليم، فما كان من حماس إلا تكملة المواجهة لتُحكِمَ سيطرتها، وفي خضم هذه المواجهات العسكرية لا أحد يستطيع السيطرة على الفعل وردة الفعل.

وهناك نقطة هامة وهي أن حماس حكومة، ومن حقها فرض سيطرتها، وذلك من أجل مصلحة الشعب، وحتى يستطيع أن يحاسبها بحق من ظَلَّ يحاسبها على الفلتان الأمني بينما كل الأجهزة الأمنية غير تابعة لها!! ورُفِضَ أن تتبع لها، حتى أن وزيرَين للداخلية قدَّما استقالتهما.

أطلت عليكم في هذا الحوار، ولكن إرادةً مني في إيضاح وتحليل ما حدث.
وأختم بنفس الدعاء الذي ختمت به في المداخلة الأصلية:

اللهم كن مع إخواننا، اللهم اهدِ لهم أنفسهم، اللهم بصِّرهم بالحق، اللهم اختر لهم الخير، اللهم اعف عنهم، وبارك في اجتهادهم واختر لإخواننا الفلسطينيين جميعاً خير ما تحب وترضى.

أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

ليست هناك تعليقات: