الثلاثاء، ١١ ديسمبر ٢٠٠٧

هل نفعل هذه الفكرة؟ - نحو ميثاق شرف إعلامي لمدوني الإخوان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نُشِرَ هذا المقال في موقع (إخوان أون لاين)، ومن رأيي الشخصي أنه يجب على مدوني الإخوان أن يطرحوا وجهات نظرهم في هذا الموضوع.
أنا شخصياً مقتنع بمضمونه.
نحو ميثاق شرف إعلامي لمدوني الإخوان
بقلم: م/ محمد صلاح
ازدادت في الفترة الماضية وانتشرت ظاهرة التدوين، وكما هي عادة الإخوان- وبخاصة شبابهم- استخدام كل الوسائل الحديثة التي تُتاح في أيديهم، والتفاعل مع المجتمع من خلالها، ولاينفي متابعٌ لحركة التدوين أن الكثير من مدوناتهم قد أحدثت زَخَمًا إعلاميًّا، وقد خلقت نوعًا من الحوار داخل الجماعة وخارجها.
صحيحٌ أن الكثير من هذه المدوَّنات هي لأبناء قيادات الجماعة والمُحَالين للمحكمة العسكرية، مثل مدونات: حر رغم القيود (عائلة المهندس خيرت الشاطر)، الحرية لحسن مالك، محاكمة قلم (الصحفي أحمد عز الدين)، هأعيش واتحدى أحزاني (أسماء عصام العريان)، الفجرية (أسماء ياسر عبده)، وهي إحدى الطرق التي لجأ إليها هؤلاء الأبناء للتعبير عما يدور في دواخل نفوسهم، وما يتعرض له آباؤهم من ظلم وجَوْر، على الأقل من وجهة نظرهم، وإثبات أن أبناء وبنات الإخوان هم أشخاص عاديون، يصيبهم ما يصيب أي شخص في المجتمع، من أحزان وأفراح، ولهم ذكريات، وليسوا- كما يتصورهم البعض- أناسًا من كوكب آخر!!

إلا أن ظاهرة التدوين لشباب الإخوان قد خاض غمارها شبابٌ ليسوا من أبناء القيادات بالضرورة، بل هم أنفسهم كانوا لا يزالون من قيادات طلاب الإخوان مثلاً (مثل مدونات "يلا مش مهم" مجدي سعد، "ومضات" أحمد الجعلي)، أو مجرد شباب من الإخوان (هم كُثُر)، وتَعَدَّى الأمر ذلك إلى أن خاض التجربة بعض القيادات، وأنشأوا مدوناتٍ خاصة بهم: (مثل مدونات "غربة" د. أحمد عبد العاطي المُحال للعسكرية ولكن بالخارج، "ذاكرة الدكتور إبراهيم الزعفراني "مدونة الأستاذ جمال ماضي").

النقد الذاتي وإجراءات الجماعة تجاهه
وقد عَالَج شباب الإخوان في مدوَّناتهم العديد من القضايا، وتعددت محاور مواضيعهم، من دفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، ومناهضة التعذيب وحوارات حول أسس الحوار البَنَّاء، وبالطبع مفاهيم أخلاقية وإسلامية، ولم يخلُ الأمر من التعبير عن مشاعرَ وتجاربَ شخصية؛ حيث هي ما يميز المدونة عن الموقع الإلكتروني.

ولكن أكثر ما نالَ زَخَمًا إعلاميًّا هو تعرُّض هؤلاء الشباب لما يسميه البعض "النقد الذاتي"، وهو ما يعني مناقشاتهم لبعض قرارات الجماعة أو اختياراتها، أو تصريحات قياداتها، وانتقاد بعض ما يتم في أطرها التنظيمية الداخلية من عدم استماعٍ كافٍ للآراء أو عدم المناقشة الجادَّة، على حدِّ زعم الناقدين.

وقد كان انتقاد الشباب للقراءة الأولى لبرنامج الحزب السياسي للجماعة أحد أهم وأبرز ما نوقِشَ داخل مدوناتهم، وكل هذه المناقشات والأحداث قد استقبلتها الجماعة- فيما يبدو لكل مراقب محايد- بصَدرٍ رَحِب، ولم تُصدِرْ أية أوامر بتعزير أي أخ، أو إغلاقِ مدونته، أو مسحِ شيء أو تغييرِ رأي تمت كتابته، وإن قال قائل: ذلك لأنها لا تملك ذلك، قلنا ولكنها كانت تملك أيضًا أن تجمِّد عضوية بعضهم، أو تفصله من التنظيم، أو حتى توجِّه له لَوْمًا، ولكنَّ شيئًا من ذلك لم يحدث أيضًا؛ مما يدل على أن منهج الجماعة في التعامل مع النقد هو مناقشته ومواجهته ومقارعة الحجة بالحجة ابتغاءً للحق، من أي شخص جاء، صغيرًا أو كبيرًاً.

بل تم نشْر بعض مقالات هؤلاء الشباب، المخالفة لرأي بعض القيادات على الموقع الرسمي للجماعة!! (مقال إبراهيم الهضيبي بعنوان "الإسلام مرجعيتنا جميعًا" الذي ردَّ فيه على مقال المهندس علي عبد الفتاح والذي كان عنوانه "الإسلام مرجعيتنا"- إخوان أون لاين).

وعَقَدَت بعض المكاتب الإدارية للإخوان لقاءات عدة مع بعض مدوِّني الإخوان، منها مثلاً لقاء قيادي المكتب الإداري للإخوان بالشرقية في الفترة الأخيرة، والذي تم فيه تشجيعهم على الاستمرار، بل ومكتب الإرشاد نفسه، حرص أن يسمع من الشباب عن قرب، وذلك بإفادة الأستاذ الدكتور محمد مرسي- عضو المكتب ومشرف القسم السياسي بالجماعة- للحديث مع شباب الإخوان المدوِّنين، وهو اللقاء الذي تكرر أكثر من مرة، ووصل أكثر من نبأ عن كونِهِ لقاءً مثمراً فعَّالاً وموضحًا للعديد من الأمور التي كانت غائبة.

وكما سَمِعَ الشباب من الدكتور مرسي، فقد سَمِعَ هو منهم أيضًا، وتَلاقَت بعض أوجه النظر، هذا فضلاً بالطبع عما يدور في الأطر الداخلية للجماعة، من نقاشات وحوارات حول هذا الموضوع، وأعلنت الجماعة أن بابها كان ولا يزال وسيظل مفتوحًا لكل الإخوان، مَن كان منهم مُعاتِبًا أو صَاحِبَ رأيٍ أو اقتراح أو مُرِيدًا للإيضاح والاستفسار.

الدعوة للميثاق وطبيعته
ومن آخر ما تم نشره في هذا المضمار، الحوار الذي أجراه الأستاذ هاشم أمين على موقع (إخوان أون لاين) مع الأستاذ الدكتور رشاد البيومي- عضو مكتب الإرشاد ومشرف قسم الطلاب بالجماعة- والذي سبقه مقال الدكتور أحمد عبد العاطي على (إخوان أون لاين) بعنوان "رسالة إلى المدوِّنين تلاميذ البنا"، والذي دعا فيه إلى عمل ميثاق شرف إعلامي داخلي، يجمع بين أصول التعامل مع الوسيلة- ويقصد التدوين- وتشجيع المبادرات وانطلاقًا من أخلاق الإسلام، بعد أن حلَّلَ الموضوع تحليلاً دقيقًا بارعًا، ولم تكن دعوة الدكتور أحمد هي الأولى فقد سبقتها دعوة الصحفي عبد الرحمن سعد لميثاقٍ مثل هذا، وإن كانت دعوة الأستاذ عبد الرحمن كانت لكل المدوِّنين وليس لمدوِّني الإخوان فقط.

المعظم بالطبع يعتبر التدوين هو أحد وسائل التعبير عن النفس على طبيعتها، وهو بطبيعته شخصيٌ وسَلِسٌ ولا يجب أن تُوضَع له أية قيود، وأنا شخصيًّا أتفق مع هذا المعظم في هذا الرأي، ولا أتفق في وضع قيود على أي موضوع، ولا أعتبر "الميثاق" الذي أدعو إليه- وسبقني إلى الدعوة إليه بعض أساتذتي- بمثابة القيد، وإنما هو عبارة عن مجموعة من الالتزامات المعنوية والأخلاقية التي لا تتعلق بفرض قَيْدٍ على الموضوعات التي يتم طرحها، أو وجهات النظر، ولا تتعلق برفض نقد القيادة أو توجهات الجماعة أو ما إلى ذلك.

والبعض أيضًا يرى أن ما قد نطلبه من نقاطٍ في "الميثاق" هي ضد طبيعة التدوين؛ حيث يخرج الكلام مباشرةًً سريعًا منسابًا، دون تنميقٍ ولا تدقيق، ولكن لماذا لا نحاول أن يكون ما ينساب من داخلنا متوافقًا على الدوام مع هذا الميثاق، حتى وإن خرج سريعًا أو نتيجة موقف يستوجب سرعة التعليق وإبداء الرأي.

وهذا "الميثاق" ليس بدعةً، فهناك ما يُسَمَّى بـ"ميثاق الشرف الصحفي" وقد تحدث عنه الكثير من شيوخ هذه المهنة العظيمة (السلطة الرابعة)، وهناك ما يُعرَف في المجتمعات بـ"العُرْف" وهو مجموعةٌ من الالتزامات التي تنتقل بين مجتمعٍ ما بالتواتر والاعتياد وتُلاقي احترامًا بين أهل هذه المجتمعات، وهذا العُرف ارتقى إلى أن احترمه الشرع الإسلامي الحنيف.

وحين نستعرض بعض الملامح الرئيسية "المقترحة" لميثاقٍ لمدوِّني الإخوان، فنحن لا ندَّعي في ذلك عدم مراعاتهم لها تمامًا، ولا نطلب مصادرةً للرأي أو حرية التعبير، ولكنها بعض الملامح للتَذْكِرَة؛ مصداقًا لقول المولى عز وجل: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكرَى تَنفَعُ المُؤْمِنين) (الذاريات: 56) والتعاون على تقويم النشاط تحقيقًا للتوازن الذي دعا إليه الدكتور أحمد عبد العاطي بين تشجيع حرية التعبير عن الرأي ولو خالف رأي الجماعة والإبداع والتطوير من ناحية، وبين الحفاظ على أخلاق الإسلام ووحدة صف الجماعة من ناحية أخرى.

الملامح المقترحة للميثاق
سأحاول جاهدًا طرح ملامح هذا الميثاق من وجهة نظري، متوكلاً على الله، ومستجيبًا لدعوة الداعين، وداعيًا كل إخواني لأن يكون هذا الطرح هو مادةً أوليةً للتطوير والتعديل، في سبيل الوصول لخطوط عريضة يتفق عليها شباب الجماعة بشكلٍ ضمنيٍّ؛ حتى يتحقق التوازن الذي ذكرناه آنفًا، ولا ينبغي أن تكون إلزامية حرفيًّا، وإنما القصد في تحقيق المعنى.. أقصد معنى التوازن الذي تحدثنا عنه؛ فإن تَحقَّقَ بغيرها فلا بأس بالطبع، ولا ضَيْرَ إن رأى أحد الإخوة أن بعض ما سأذكر يُنَفَّذ بالفعل أو أنه منطقيٌّ ولا يحتاج لذِكر، فلعل في الإعادة إفادة.

هذه هي بعض النقاط "المقترحة" في هذا الصدد:
1- استحضار النية في كل مَقَالٍ ورأيٍ يُكتَب، حتى لو كان ذلك مجرد "فضفضة" شخصية، والحرص على سؤال النفس: هل ذكْر ذلك القول سيُرضي الله؟ وهل ذكْر ذلك سيزيد من ميزان الحسنات أو على الأقل لن ينقص منه أو يزيد في ميزان السيئات؟! وهذا أصلٌ في كل أعمالنا.

2- تنقية الكلمات وأسلوب التعبير قدر المستطاع؛ بحيث تصل الفكرة ولكن دون جَرح أحد أو شخص، حتى لو تم الاختلاف معه، ومحاولة التماس العذر عند الاختلاف، مع الاستمرار في ذِكر وجهة النظر المخالفة، ونتذكَّر تحذير إمامنا الشهيد حسن البنا من تجريح الهيئات والأشخاص، ولا يفوتني هنا تسجيلُ إعجابي الشديد بمقال أخي إبراهيم الهضيبي، الذي ذكرتُهُ آنِفًا؛ حيث أراه خيرَ تمثيلٍ لهذا الأسلوب.

3- احترام أوجه النظر المختلفة؛ إعمالاً لكلمة الأستاذ البنا: "نتفق فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، وللحكمة القائلة: "اختلاف الرأي لا يفسد للودِّ قضية"، ولحكمة الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، ويجب أن نربِّي أنفسنا ونعوِّدها على احترام الرأي الآخر حتى لو اختلفنا معه.

4- إذا تم الخَوْض في شأنٍ من شئون الجماعة أو تصريحات أحد قياداتها، فيجب الرجوع للمصدر الذي نُقِلَ عنه هذا التصريح، والتأكد منه، أو الرجوع للتصريح نفسه، وإن كان قد تم نفيه أو تعديله أم لا في المكان الذي ذُكِرَ فيه، سواءٌ كان موقعًا إلكترونيًّا، أو جريدة ورقية، أو حوارًا تليفزيونيًّا.. إلخ، ويجب تغليب روح الأخوَّة وحُسن الظن، ولا يجب الاتهام ابتداءً؛ فالأصل أننا لا نقدح في نية أخ أو أخت، ولكن قد نختلف معه في طريقة تناوله للموضوع أو في رأيٍ معين قاله في أسلوب ووقت ما صرَّح به.. إلخ.

5- التَخَلُّقُ بخلقنا الإسلامي الرفيع في تعليقاتنا وفي مقالاتنا، من إعطاء العذر للذين يختلفون معنا في الرأي، وذِكْر الألقاب المناسبة لمَن يكبرونا سنًّا، وتغليب روح "الاجتهاد في الوصول للحق" عن روح "محاولة الانتصار للرأي"، والبُعد عن السبِّ والجرح وردِّ السيئة بالحسنة والكلمة الخبيثة، بطلب العفو من الله لمن قالها، وعدم الجَهْر بالمعصية، وجَعْل رضا الله هو الغاية الأسمى من كل ما نقول ونقترح.. إلخ.

6- أَخْذ الحَيْطَة في الانجراف خلف التعليقات المستفيضة من الأخ للأخت وبالعكس؛ بحيث لا يتم استخدام كلمات استلطافية أو مِزاحية؛ لأن ذلك يعمل عمله في النفوس ويفتح بابًا من أبواب الشيطان، وَلْيجتهد الأخ في أن يكون تعليقه للأخت على قدر المُحتاج وبالعكس، حتى وإن كان في تعليقٍ على تدوينة شخصية تتعلق بمشاعر أو خواطر، فلا مانع، فكلٌ حرٌّ فيما يكتب كما ذكرنا، ولكن حبَّذا لو اكتفى كلٌّ منهما بإسداء النصح والدعاء والتذكرة في هذه الحالة، وَلْيحرص كلا الجنسين على تذكُّر أن الآخر أجنبيٌّ، وكيف كان سيعامله في أرض الواقع.

7- ذِكْر مصادر الأخبار والمقالات المنقولة من أماكنَ أخرى، مع وَضْع رابطٍ لذلك إن أمكن؛ حيث إن ذلك من الأمانة في النقل، ونَسب الجُهدِ لصاحبه (وهو غالبًا ما أراه بالفعل في كل مدوّنات الإخوان والأخوات بفضل الله).

8- محاولة اقتراح حلول للمشكلات بجانب عرضها، حتى يكون العرض عمليًّا، فكما تقول الحكمة: "أشعِل شمعة بدلاً من أن تظل تلعن الظلام"، ومحاولة الخروج من نفق الجَدَل البيزنطي؛ لأن الإخوان مجتمعٌ بشريٌ، يصيبه ما يصيب أي مجتمع، ولكن لا يجب أن نيأس من الإصلاح والتطوير، وكما قال الإمام البنا: "نحن قوم عمليون".

9- يجب أن يضع كل أخ وتضع كل أخت في الحسبان- شِئنَا أم أَبَيْنا- أنّ أفراد الجماعة هم عنوان الجماعة، فَلْيَحرص الكل على محاولة أن يكون خير عنوان، وذلك في كتاباته وتعليقاته، فضلاً عن سلوكه الواقعي أيضًاً.

10- مشاركة الأخ أو الأخت الأفراح والأحزان في التدوينات الشخصية، مع مراعاة الأسلوب الذي بيَّنَّاه سابقًا؛ فإنه كثيرًا ما يحتاج الأخ/ الأخت لكلمات الإخوة والأخوات التي تثبت وتهون أو تزين الأفراح.

11- محاولة متابعة الردود على كل تدوينة، وإعادة الرد عليها؛ حيث إن مَن رَدَّ ينتظر غالبًا رَدًّا ثانيًا من صاحب التدوينة الأصلية؛ ليشعره بأهمية مشاركته وتفاعله مع تدوينته ومدونته.

12- محاولة الانفتاح على مدوّنات غير الإخوان، والتواصل معها، وقليلٌ مَن يفعل ذلك من الإخوة والأخوات، وتَحَوَّل المجتمع التدويني الإخواني لمجتمع مغلق تقريبًا، على الرغم من أنه يجب أن تُستَخدم هذه الوسيلة في الدعوة إلى الله، وتبيين ما يغيب من حقائق عن الجماعة وفكرها ومنهجها وأسلوب عملها، وإظهار تلبيس الإعلام في بعض الأحيان.

13- محاولة توصيل الكتابات والآراء للقيادات قدر المستطاع، فليس الكل منهم يملك الوقت للدخول لهذا الكم الضخم من المدونات الالكترونية ليُطالِعَها، ومراسلة كل ذي شأنٍ عن الشأن الذي يخصه؛ حتى يتسع الحوار بين القيادة والصف، ومن الحوار- وبعد توفيق الله- يأتي القرار السليم بإذن الله.

همسة في أذن إخواني وأخواتي
في نهاية هذا المقال، أقتبس من أستاذي الدكتور جمال حشمت هذه الفقرة التي كتبها في إحدى مقالاته، معلقًاً على (الحوار بين الشباب والقيادة)؛ حيث أجدها تعبِّر بصدقٍ عن همسة أريد أن أهمسَها في أذن إخواني وأخواتي:
"إن جماعة الإخوان المسلمين هي مِلكُ كل أبنائها، بل هي جزءٌ من تاريخ وحياة المصريين لا تقبل ثقافة القطيع، بل تشجع أبنائَها على حرية الرأي والتعبير في كل أدبياتها؛ لأن الأحرار فقط هم من يستطيعون مواجهة الظلم والفساد والاستبداد، ولا يستخدمون الدين لتحقيق مصالحَ خاصة بها، بل تُوَظِّفُ كلَ كفاءاتِها وجهاد أبنائها لتُعِزَّ الإسلام، وتُعْلِي من شأن ِقيمه وشرائعه، وهي جماعة تجمع ولا تُفَرِّق، وتتحمَّل في سبيل ذلك المَشاق وسوءَ الظن والاتهامات ويَكفِي ما يُلاقيهِ الإخوان من عَنَتٍ وإجرام- حتى اليوم- لكي نُدرِكَ قيمةَ ورُجولةِ وشَهَامةِ كل مَنْ ُيقبِل ويُعلِنُ الانتسابَ إليها في ظل هذا المناخ! فَرِفْقًا بجماعتكم، وِثقوا في أن الحب والترابط الذي يجمع أفرادَها ممزوجٌ بالثقة والاحترام لَهُمَا، العاصم بعد توفيق اللهِ مِنَ المِحَنِ والفِتَنِ، أَعَاذَنا اللهُ منهما وآخرُ دَعْوانا أَنِ الحمد لله رب العالمين".
والله أكبر.. ولله الحمد.
(انتهى المقال)
رابط المقال:
________________________
/أخوكم
المنشد العام للإخوان المسلمين

السبت، ١٧ نوفمبر ٢٠٠٧

ذكريات وخواطر أول أسرة إخوانية بالسعودية

دق جرس جوالي، ووجدته يقول بلهجة مصرية لا تخطئها أي أذن مصرية: "الأخ فلان..." فرددت عليه: "أيوة يا فندم، مين معايا؟"، فردَّ ثانيةً قائلاً: "معك أخوك فلان"، طار قلبي من السعادة عندما تحدثنا للمرة الأولى، وفهمتُ مباشرة مَن الذي يحدثني، أخيراً سأقابل إخواني وأنعم بدفء الجماعة الذي حُرِمتُ منه على مدار شهرين تقريباً!!
اتفقنا وتقابلنا، وكان اللقاء الأول. عادت لقاءات الأحبة الأطهار أصحاب البسمة الدائمة، عادت لقاءات تَدَارُس القرآن والسيرة والتفسير ورسائل الإمام المؤسس وفقه الدعوة. عاد المزاح البريء لحياتي، عادت التَذْكِرَة بالخير والأعمال الصالحة، عادت مقابلة الصالحين الذين يدفعونك للأمام ويذكروك إذا نسيت ويعينوك إذا ذكرت.
الأخ بدون إخوانه، كالسمك الذي يخرج من الماء، تحولت الغربة لشكل آخر تماماً، أصبح لها جانبٌ مضيء، أصبح فيها ما تندم على فراقه، أصبح فيها ما يجعل لحياتك قيمة.

أتدرك معنى أن يُنشِأَ شخصٌ تنظيماً أو جماعةً، أينما سافرت تقريباً بين الدول العربية والإسلامية وجدته؟! لقد أرسى الإمام البنا قواعد الأخوة الإيمانية الصادقة التي لا تحدها حدود أو بلاد، لقد أعان الإمام البنا كلٌ منا على عدم الإحساس بالغربة، لقد ساهم الإمام البنا في تعميق العلاقة بين أقطارنا العربية والإسلامية بل وفي أمريكا وأوروبا وجزء كبير جداً من باقي أنحاء العالم، لم يتحدث بكلام إنشائيٍّ، بل عَمِلَ وما نام إلا قليلاً، ورأى بأم عينيه تنظيمه وهو يمتد قبل موته لفلسطين والأردن وسوريا، ولم يقدر الله له أن يرى بعد ذلك ما أحدثه استشهاده وما أيقظه في قلوب المؤمنين من أساتذتنا وقادتنا وعلاماتنا على طريق الدعوة من إصرار وعزيمة وقوة بذل من أجل مواصلة مسيرته حتى خرجوا بعد 20 عاماً من السجن واستمروا في طريق دعوتهم، وأعادوا بناء هذا الصرح العظيم بعد أن حاول المغرضون هدمه وفشلوا بفضل الله ونعمته وذهبوا هم وبَقِيَ البناء، بل بَقِيَ العديد من الذين أرادوا إزهاق أرواحهم، ظناً منهم أن ذلك سيقضي على الفكرة والرسالة، ولكن هيهات هيهات!!

اللهم ارحمه رحمة واسعة، اللهم اجمعنا به في مستقر رحمتك، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً.

اجتمعنا بمختلف مشاربنا وأفكارنا، من بيئات مختلفة ومواعين تربوية مختلفة، ولكن على قلب رجل واحد! نفس الاهتمامات والأولويات، نفس الروح، نفس الأمنيات، تختلف شخصياتنا وتتوحد أهدافنا.
قرأنا وتدبرنا وكان نعم اللقاء بفضل الله ومنته، وتذاكرنا وتعارفنا ومزحنا، ومباشرةً نبت الحب في قلب كلٌ منا للآخر على رغم فرق السن، ولكنه الحب في الله وطريق الدعوة الذي أنعم الله علينا به نعمة إذا بتنا نحمد الله عليها مع كل نَفَس في الـ 24 ساعة لن نوفي المولى عز وجل ولو جزء من حقه علينا.

الحمد لله على نعمة الإسلام وعلى نعمة الإخوان، وذلك من باب التحدث بنعمة الله.
يا أيها الزائر من غير الإخوان، أدعوك لتتفكر في هذه الدعوة المباركة، أدعوك لتقرأ عنها، أدعوك للتفكر في حالك ومآلك وما أنت فاعلٌ في دنياك، ابحث عن الصحبة الصالحة التي تدفعك لبناء نفسك والعمل لآخرتك، ابحث عن الصحبة الصالحة التي تُعلي فيك قيم الإيجابية وحب التغيير ونصرة دين الحق والعدل.
أدعوك لصوت الحق والقوة والحرية...

/أخوكم
المنشد العام للإخوان المسلمين

الخميس، ١٥ نوفمبر ٢٠٠٧

...وغياباً ثانياً

...إخواني الفضلاء وأخواتي الفضليات
غبت عنكم ثانية وأشكر كل من سأل عني، وقد عدتُ إلى الرياض بعد قضاء شهر في الكنانة كان قاسياً لما مرَّ فيه من حالتيَّ وفاة في الأسرة، وقد عدتُ وانخرطتُ في العمل وانشغلتُ فيه - ولازلتُ - ولكني اقتنصت بضع دقائق لأكتب لكم والآن أستعد للسفر للقصيم إن شاء الله في رحلة عمل أيضاً.
كم أردتُ أن أسجل ذكريات أول أسرة إخوانية بالسعودية، وكم هي نعمة الله وفضله أن منَّ علينا بهذه الجماعة وهذا الصف الصالح الذي يحتويك ويحتضنك في أي بقعة من يقاع الأرض تقريباً بفضل الله.
وكم أردتُ أن أسجل الكثير من خواطر الأجازة وأحداثها، وكم أردت أن أستعيد تسجيل بعض الحلقات في حلقات الذكريات مع الجماعة ولكن أعود فأقول يشغلني العمل بشدة.
انتظروني بإذن الله لأسجل كل ذلك على قدر الاستطاعة، وحتى ذلك الوقت أسألكم الدعاء وإلى لقاء قريب، ولا تحرموني من زياراتكم.
/أخوكم
المنشد العام للإخوان المسلمين

الأربعاء، ٢٤ أكتوبر ٢٠٠٧

موعد مع 17 أكتوبر

كان شخصاً عادياً محترماً مَرِحاً يحب الحياة ويقبل عليها مثله مثل أي شاب في عمره، حتى تقدم لأخته شاب من شباب الإخوان خرج لتوه منذ سنتين تقريباً من سجون عبد الناصر بعد أن قضى فيها 9 سنوات تحت التعذيب الشديد.
تطورت الأحداث وتم الزواج بين هذا الشاب الإخواني وأخت بطل قصتنا، وتطور الحب وصَاحَبَهُ احترام شديد بين بطل قصتنا وبين زوج أخته الإخواني، وأصبح يثق فيه ثقة كلية عميقة ويطمئن لرأيه ويأنس بالجلوس معه، حتى أقنعه زوج أخته بطريق دعوة الإخوان وسار كأحد أبنائه (وإن كان الفرق بينهما ليس كبيراً جداً في حدود 13 عاماً).
وبعد عدة أعوام صار الشاب في عمر الزواج وبدأ البحث عن عروسٍ له، فلجأ إلى زوج أخته الذي يحبه ويثق فيه كما بيَّنا، وبالفعل اختار له زوجة صالحة من الأخوات الفضليات وعاشا في هناءٍ بفضل الله وتحملت معه كل خطوات الحياة وعاشرته في السراء والضراء ورزقهما الله بأربعة أبناء كلهم أصبحوا من الإخوان بعد ذلك وعلى أعلى مستويات التربية بفضل الله ثم بغرس هذه الزوجة الصالحة.
ابتلى الله زوج أخت بطل قصتنا بمسئولية إخوانية ثقيلة، وظل يتحمل من المسئوليات الدعوية حتى حُكِمَ عليه في المحكمة العسكرية عام 1995م بثلاث سنوات، قضاها كاملة.
وكانت هذه السنوات هي محكٌ حقيقيٌ ليظهر فيها بطل قصتنا بطلاً حقيقياً في بيت أخته، زوجة القيادي الإخواني المسجون، فقام على شئونها معنوياً ونفسياً ورعى أولادها، وكان لا يفارقهم في الزيارات، وكم دَبَّر لهم شئون هذه الزيارات وكم قطع الطريق من بيت أخته إلى طرة ذهاباً وإياباً طوال هذه السنوات، وكم حدث من مواقف، وكم كلفه زوج أخته بقضاء الكثير والكثير من المصالح والشئون خارج السجن، شخصية كانت أو دعوية.
فارتبطوا به ارتباطاً وثيقاً أكثر من أي شخص آخر، بل لعلنا لا نعلن سراً حينما نقول أكثر من باقي أخوالهم أيضاً!!
ومرت السنون، وخرج زوج أخت بطلنا من السجن، وعادت الحياة إلى مجاريها قليلاً فقليلاً، وبعد عدة سنوات وبينما بطل قصتنا خارج البلاد، يسمع خبر وفاة زوج أخته الحبيب الذي مثَّل له القائد والمستشار والصديق والأخ الأكبر والأستاذ وكان من أعز الناس إلى قلبه، وبوفاة زوج أخته – وعلى حد تعبيره هو شخصياً – انكسر ظهر بطل قصتنا!!
عاد بطل قصتنا مسرعاً إلى بلده، وعَلِمَ بقصة وفاة زوج أخته، والتي تمثلت في إصابته بأزمة قلبية فور عودته من صلاة الظهر، نُقِلَ على إثرها بالإسعاف إلى القصر العيني الفرنساوي، ليكتشفَ الأطباء إصابته بمرض نادر جداً، وهو تسرب مسار الدم من الشريان الأورطي إلى جدار الشريان نفسه، فقرروا إجراء عملية جراحية بعد أربعة أيام، وتُوُفِّيَ الأخ المجاهد أثناء العملية، وكل ذلك حدث في 5 أيام وكأنه حلم!! فمن صلاة الظهر حتى وفاة زوج أخت بطلنا فقط 5 أيام انتقل فيها من قمة نشاطه وحياته الطبيعية إلى الحياة الآخرة، وكان ذلك في يوم الإثنين 17/10/2005م الموافق 14 رمضان 1426هـ.
ثم تمر الأيام بعد ذلك أيضاً، وتتوالى أحداث الحياة، وفي يوم الخميس 11/10/2007م الموافق 29 رمضان 1428هـ، كان بطل قصتنا مدعوٌ للإفطار هو وعائلته عند أخته التي تُوُفِّيَ زوجها، وامتلأ البيت ضحكاً ومرحاً أثناء الإفطار بين كل أفراد العائلة، ونزل كل الرجال والشباب إلى صلاة التراويح، بينما بقيت زوجة بطلنا وابنته مع العمة في بيتها (أي بيت العمة).
وقالت زوجة بطلنا أنها تشعر بدوار قوي في رأسها وأنها ستحاول التمدد على الأرض قليلاً، وبعد ذلك لاحظت ابنتها والعمة حركات غير طبيعية، فطلبا الإسعاف، ونُقِلَت إلى القصر العيني الفرنساوي أيضاً، وأُجرِيَت لها أشعة، ليتم اكتشاف إصابتها بنزيف في المخ، دخلت على إثره في غيبوبة كاملة، لمدة 6 أيام في العناية المركزة حتى صدر الأمر الإلهي بقبض روح زوجة بطلنا يوم 17/10/2007م!!
نفس اليوم ونفس التاريخ ونفس المستشفى ونفس الظروف الفجائية والانتقال من قمة النشاط للحياة الآخرة خلال أيام، ويفصل هذا الحدث عن ذاك سنتين كاملتين!!
نعم إخواني إنها الحياة، إنها الدنيا وهذه حقيقتها، إنه الموت وهذه هيئته وحقيقته وكيف يأتي بغتة!!
فَقَدَ بطل قصتنا زوجته الداعية الصابرة المربية الطيِّعة الصالحة بين عشيةٍ وضحاها، فَقَدَ أعز شخصين كان يأنس لهما، في نفس التاريخ وبنفس الظروف تقريباً!!

كان آخر عهدها من الوعي رمضان، بعد أن قضت منه 29 يوماً على قيد الحياة وليلة الجمعة، وكانت تتحدث في هذه الليلة قبل موتها بساعات قلائل أن من علامات حسن الخاتمة أن تكون ليلة الجمعة!!

اللهم ارحمها رحمة واسعة والهمنا جميعاً الصبر واجعل كل عملها ودعوتها وحسن تربيتها لأولادها وحسن تبعلها لزوجها في ميزان حسناتها وأنزل الصبر على قلب بطل قصتنا والهمه الثبات.

كان هذا البطل هو خال زوجتي...بارك الله لنا فيه.

مَن مِنَّا استعد للحظةٍ فجائيةٍ باغتة يقول المولى فيها لمَلَكِ الموت: "الآن اقبض روح عبدي فلان"؟
مَن مِنَّا كتب وصيته وقضى دَيْنَهُ وطلب العفو والسماح ممن حوله؟
مَن مِنَّا يُكثِرُ من ذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات كما أوصى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
مَن مِنَّا يضع هذا القَدَرَ وهذه النهاية المحتومة أمام عينيه ليضبط عمله وسلوكه ويراقب ربه دائماً؟
مَن مِنَّا يحرص على حُسْن الخاتمة ويعمل لها ويدعو بها؟

نسأل الله الثبات على الإيمان والموت على التوحيد والشهادة وحسن الخاتمة.

أخوكم/المنشد العام للإخوان المسلمين

الأربعاء، ١٠ أكتوبر ٢٠٠٧

غبتُ عنكم لأني عدتُ إليهم

إخواني الأحبة...أخواتي الفضليات
غبتُ عنكم لأني عدتُ إليهم، عدتُ لأهلي وأحبابي، عدتُ لوطني وإخواني، عدتُ لزوجتي وابنتي وأبي وأمي، بفضل الله عزوجل.
هي أجازة قصيرة تنتهي بعد العيد بأيام قلائل إن شاء الله، ولكنها بالنسبة لي فسحة جميلة من الوقت.
عدتُ لبيتي الذي اشتقتُ إليه كثيراً، عدتُ لابنتي التي لم أرَ تطورات نموها السريع طيلة 3 أشهر كاملة.
عدتُ لأمي وزوجتي وذقتُ الطعام من أيديهم، وهو الطعم الذي افتقدته بشدة على الرغم من أن كل شيء موجود بالخارج، إلا أنهم كما يقولون: "ناقص النفس الحريمي" هاهاهاها.
أخيراً، خرجت مع زوجتي وتمشينا وأفطرنا بالخارج كما عادتنا في كل رمضان، ولعبتُ مع ابنتي وعرفتني بفضل الله بعد وقت قليل، على الرغم من أنها لم تتم عامها الأول بعد (إن شاء الله بعد أيام قليلة).
أخيراً عدتُ لرمضان الحقيقي، والصلاة خلف الإخوة ومع الإخوة والاعتكاف - وإن كان متقطعاً - بين الأحباب والجيران والإخوان، عدتُ للأصوات الشجية واللهجة العربية النقية الواضحة التي تمتعك بالقرآن، بعد أن مللتُ من اللهجة الخليجية التي - وَلْيَعذرني إخواني الخليجيين - لا أستسيغها ولا أتفاعل معها بالمرة!!
الحمد لله عز وجل على نعمة الإسلام - وكفى بها نعمة.
الحمد لله على نعمة الإخوان.
الحمد لله أن قدر لنا الاجتماع بالأهل والعودة لحضن الوطن الذي يحمل ذكريات طفولتنا وشبابنا.
وتمت سعادتي عندما سمعتُ خبر الإفراج عن مجموعة الدكتور عصام، وشعرتُ بأن الله استجاب دعائي في الحرم، وأسأل الله أن يعجل استجابته لباقي الدعوات إن رأى سبحانه الخير في ذلك.
أعتذر عن غيبتي عنكم، وأتابع معكم في القريب العاجل بعد الاستمتاع بالأجازة قليلاً وهي تمر بسرعة شديدة، وخاصة أنها بدأت مع بداية العشر الأواخر.
تقبل الله منا ومنك صالح الأعمال، وتجاوز عما كان منا قبل وأثناء رمضان، وأعتقنا جميعاً في هذا الشهر الكريم وكل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك.
/أخوكم
المنشد العام للإخوان المسلمين

الاثنين، ٢٤ سبتمبر ٢٠٠٧

مرتضى منصور...ومعتقلي الإخوان

حين يُطالع الناس أخبار إخواننا المعتقلين أو المحالين للمسرحية العسكرية، فإن غالب ما يفعلونه هو مصمصة الشفاه وقوْل: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وقد يردفون ذلك بدعاء على الظالمين. والكثير جداً ممن أقابلهم في عملي حياتي يقولون: "عادي، اتعودوا على كدة".
وفي مرة من المرات تزامن القبض على مجموعة من إخواننا مع الحكم على مرتضى منصور، فوجدتُ بعض الزملاء في عملي غاضبين جداً، ويقولون أن مرتضى منصور مظلوم، ومع كرهي للظلم واعترافي بعدم اضطلاعي الكامل على قضية الأستاذ مرتضى، إلا أن ما أثار عجبي أنني عندما قلتُ لهم: "واللهِ يا إخواننا مش مرتضى وحده اللي مظلوم، طب ما الإخوان المحالين للعسكرية نهبت أموالهم وثرواتهم التي ظل بعضهم يبنيها في عشرات السنين، وأجيال الأجداد تورثها للآباء ثم الأبناء، وفجأة وفي لحظة واحدة ودون جريرة أو ذنب، وبرَّأهم قاضيهم الطبيعي 3 مرات، ثم أحيلوا إلى العسكرية ليُحكَم عليهم حتى لو كانوا أبرياء!!" قالوا لي: "طب دول ماشي معروف إنهم عشان إخوان، وهم اتعودوا على كدة، لكن منصور فعلاً مظلوم!!" – يا سبحان الله!! أرأيتم هذا المنطق؟!

على الرغم من أن مرتضى منصور يلقى معاملة فوق الممتازة في السجن، كما ذكر أيمن نور في بلاغه ضده الذي نشر خبره العديد من الصحف في الفترة الأخيرة!!، بينما ترفض السلطات حتى تحويل العديد من معتقلي الإخوان للعرض الطبي، فضلاً طبعاً عن رفضها الإفراج الطبي عن معظم المعتقلين (مثل الشيخ المجاهد أبو الفتوح عفيفي، والدكتور حسن زلط، والمهندس خيرت الشاطر، والدكتور عصام حشيش وكثير غيرهم ذكر المهندس خيرت في توضيحه للحالة الطبية للإخوان المحالين للعسكرية الذي نشره موقع "ثمن الحرية")

هذا هو جزء من الشعب الذي نعيش بينه، لا أنكر وجود آخرين يتحدثون بأفضل من ذلك، لذلك أنا من أشد المشجعين لجميع أبناء المعتقلين والقريبين منهم ومدوني الإخوان عموماً أن يدونوا، لكي يشرحوا للناس ما يحدث في هذه الأحداث، لكي ينشروا للعالم كم انتهاك الحريات والنفسيات، وكم الهدم النفسي والحرب الشرسة على كل مصلح ومعارض للنظام، ولكي يفهم الناس أن سجين الرأي – مهما كان – يختلف اختلافاً كبيراً عن السجين الجنائي، ويجب أن يلقى كل احترام وتقدير ودعاء لفك الكرب، ومساندة، بل ويجب أن يستحوذ على مشاعر الناس أكثر من السجين الجنائي، حتى وإن كان بريئاً. وذلك لأن احتمال اتهامه يكون في جرم، أما سجين الرأي والمعارضة السياسية فلا احتمال أصلاً لأن يكون مجرماً حتى لو حُكِمَ عليه بالسجن.
حتى الحكومة تفرق بين هذا وذاك، وتسمي بعض الجرائم: "جرائم غير مخلة بالشرف"، ولا ينبني عليها شطب من النقابات أو حرمان من الكثير من حقوق المواطن.

وتعالوا لأسرد لكم في هذا المقال هذه الخواطر القليلة حول الوضع النفسي والاجتماعي للمعتقلين وأسرهم، من خلال التفكر في بعض أحوالهم:

1- تزوج إبراهيم العريان – نجل الدكتور عصام العريان – من خُلَيْدة سناء أبو زيد – كريمة الدكتور سناء أبو زيد – وبعد أقل من شهرين تقريباً، تم القبض على الدكتورَيْن عصام وسناء، ووجد كلٌ من العروسين نفسه بلا أب. ما أسوأ الشعور النفسي، وبخاصة أنه في بداية الحياة الزوجية يحتاج العروسين للاستشارة في أمور كثيرة تتعلق بالحياة وطريقة إدارتها، وطريقة إدارة حوار زوجي و التعامل مع الخلافات بين طبائع الزوجين مما يؤدي لحياة هادئة مستقرة...إلخ. ولكن حتى هذا الحق، يُحرَم منه أبناء الإخوان. والحمد لله أن مَنَّ الله بالإفراج عن الدكتور سناء بعد أن كاد يقضي حتفه من المرض داخل السجن، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
2- هذا هو العام الثالث على التوالي الذي لا يحضر فيه الدكتور عصام العريان رمضان مع أسرته، وكل بيت مسلم يتوق لرمضان حيث موعد الإفطار الذي يحترمه الجميع، ولا يتعارض مع أي عمل أو ظرف، فتكون فرصة جميلة لاجتماع الأسرة بكاملها، لأن ذلك يصعب طوال الفترات الأخرى من العام.
3- يتم تأجيل جلسات المحكمة العسكرية يومين وثلاثة أيام، وهذا الأمر على الرغم من كونه أفضل من الانتظار شهور أو أسابيع لتكملة مسرحية معروفة نهايتها سلفاً – بالحسابات المادية ولكن الأمل في قدر الله لا ينقطع بالطبع – فلكم أن تتخيلوا أسر المحالين للعسكرية من أبناء المحافظات، وما يكونون فيه من حيرة بين معاودة السفر والعودة مئات الكيلومترات، أو محاولة المكوث عند أحد من الأهل أو الإخوان والمبيت عندهم، مع ما قد يسببه ذلك من إحراج، وتكلفة...إلخ، أو يمنع ذلك بعضهم من الحضور، مع احتياجهم الشديد للوقوف بجانب عائلهم لدعمه النفسيّ والمعنويّ.
4- تنام الزوجة بمفردها، بلا أنيس ولا ونيس، أو مستشار. كانت تستشيره في كل صغيرة وكبيرة، لحظات مناقشاتهم الخاصة قبل النوم تكاد تكون الوحيدة التي يتناقشون فيها سوياً وينعمون بتجاذب أطراف الحديث بعد يوم طويل وشاق، من الافتراق بسبب العمل والأولاد وظروف الحياة، بل والعمل الدعوي. هل تخيل أحد هذا الموقف؟ هي الوحيدة في الأسرة التي كانت تصاحبه حتى عند النوم ثم تحولت تقاسي الوحدة في النهار والليل!

هذه اللقطات التي لم أجد مَن تَطَرَّقَ لها هي بالتحديد، وإن كان إخواني وأخواتي من أبناء المعتقلين والمحالين للعسكرية قد أفاضوا في توضيح مشاعر أخرى وظروف أكثر.
نسأل الله لهم الثبات على الحق والصبر والأجر، وأن يجمع بينهم وبين ذويهم على خير، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الأحد، ١٦ سبتمبر ٢٠٠٧

*يعني إيه كلمة سجين

إهداء إلى كل أبناء وأهالي المحالين للعسكرية والمعتقلين
يعني إيه كلمة سجين؟
يعنى ييجي شهر صومنا وكرسي بابا...يبقى فاضي عَ الفِطار
يعني رغم المغربية لسة صومنا له أذان
منتظر ييجي النهارإحنا نفطر...لما نور الشمس يطلع
وقتها هندوق حلاوة...من ليالي الصمت... والصبر الطوال
وقتها ندعي الدُعَا...لما هيروح الظمأ
والعروق تتبل بالماء الزُلال...عندنا للصوم معاني
والتلذذ لما أعاني ...يعنى أصبر عَالمشاعر
واحتمل حِمْل الجبال...يعني أَسعَد باختياري
وأرتدي ثوب الرجال...يعني إن القلب مش لازم ينام
يعنى إن الفجر ثمنه مش كلام...عندنا للصوم معاني
لما ليل الظلم يشتد في بيوتنا...يلقى منا بيوت أغاني
لونها أبيض...زي بكره
الصيام له معنى غالي...الصيام له معنى عالي
وخلي كرسي بابا فاضي... وهبقى راضي إن وقت الفِطر لينا
يبقى في العام الجديد...حتى ليلة القدر..والعيد السعيد
كلهم يستنوا عالباب الحديد...لما وحده ينفتح...أو يوم يزول
لما نور الصبح يطلع...بعد لما تزول يا خوف
لما سور السجن يسقط من الكسوف...لما نلقى
طاقة السجن الحزينة...تنتفض والناس تشوف
وقتها هيكون لصومنا...ألف معنى من معاني الافتخار
وأبقى عارف إن فخري من صناعتك...وابقى وارث.. رغم إنك لسة حي
_________________________________
*بقلم الأستاذ/ مختار نوح (المحامي) - تمت محاكمته في محكمة عسكرية وحبسه في قضية النقابيين الإخوان عام 1999

الثلاثاء، ١١ سبتمبر ٢٠٠٧

بأي حال تأتي علينا يا رمضان؟

زمان في بداية مرحلة الشباب والتي تزامنت مع بداية الالتزام – نسأل الله أن نكون كذلك وأن يثبتنا وإياكم على الحق – كان قدوم رمضان يحمل معانٍ عدة، وكلها بفضل الله تصب في الاستعداد لزيادة الطاعات، وعقد العزم على ختم القرآن أكثر من مرة، ومضاعفة كل أنواع الخيرات، ومجاهدة النفس في الصبر على المعاصي وشهوات النفس.

وتَقَدَّمَ العمر، وانخرطنا في العمل الدعوي، وهو فضل بالطبع من الله، ولكن للأسف الشديد، انشغال الأخ بعمله الدعوي الذي من المفترض أن يتضاعف في رمضان يشغله قليلاً عن الانتباه لنفسه في مضاعفة الأجر والعمل الصالح والاستمتاع بالعبادة الشخصية الفردية!
والذي يقرأ الآن كلامي هذا – وبخاصة من غير الإخوان – قد يستغرب كيف يزداد العمل الدعوي وينشغل الإنسان عن الانتباه لمضاعفة العمل، أليس في هذا تناقضٌ؟ ولكن معظم الإخوان والمتعرضين للعمل الدعوي العام يفهموني جيداً.

تُبذَل معظم أوقات العاملين من الإخوان في التخطيط لمسابقة القرآن في رمضان ومن المسئول عن الجوائز، ومن المسئول عن توزيع الإفطارات، ومن الذي سيحضر كلمة التراويح اليومية، ومن الذي سيصلي إماماً بالناس، وكيف سيكون العمل بالمساجد، وماذا عن ندوات رمضان في النوادي التي نتواجد فيها، وجميع المحافل المجتمعية، فضلاً بالطبع عن وضع برامج الاعتكافات والتهجد وما سينطوي على ذلك من ترتيب أمور المعتكفين وإفطارهم وسحورهم وبرنامج المعتكف...إلخ. ثم تأتي بالطبع أعمال العيد، وذلك بعد نهاية رمضان. نضيف لكل ما ذُكِرَ، العمل الحياتي اليومي.

هذه كلها أنشطة رائعة وجميلة وكل المسلمين تقريباً يغبطوننا على القيام بها والانخراط فيها، وإن شاء الله يكون لها ثواب عظيم، ونسأل الله القبول، ونعلم فضل الدعوة إلى الله ونشر قيم الإسلام والنهوض بحب الناس لعبادة الله والتقرب إليه، ومعاونتهم وتشجيعهم على المسارعة في الخيرات، ونتمنى وسنظل نعمل من أجل أن نكون في هؤلاء الذين يعملون لذلك بإذن الله سائلينه الثبات.

لكن...بنظرة تركيز، تجد معظمنا مهموم ومنشغل بما ذُكِرَ من ترتيبات: كتابة كلمة التراويح، الاتصال بالأخ الإمام والترتيب معه، الاتصال بضيف الندوة ومقابلته وترتيب اللقاء معه، الاتفاق مع من سيطبخ طعام المعتكفين، ومتابعته، وبعض الإخوان يقوم بنفسه بذلك، أي يطبخ، ويقلل من نومه ومن راحته من أجل أداء هذه الأعمال...إلخ، وينسى أو ينشغل عن أن يفرغ لنفسه وقتاً يحدث فيه نفسه، ويقف مع نفسه وقفة صريحة حقيقية، أين أنا؟ ماذا قرأت أنا؟ ماذا حفظت أنا؟ كم ركعة تهجدتها، كم صدقة قمت بها بنفسي؟ وكم؟ وكم؟ وكم؟

نعلم أيضاً، أن مَن ينشغل بخدمة الناس فليس ببعيد على المُضطَّلِع على كل خائنةٍ وظاهرةٍ سبحانه وتعالى أن يكتب له أجور أعمال من يخدمهم، ولا ننكر أن هناك من الموهوبين من يستطيع ضبط وقته لينظمه بحيث يستطيع ألا يقصر في معظم واجباته الحياتية والدعوية ويستمتع في نفس الوقت بما ذكرناه من متعة العبادة الشخصية.
لكني أزعم أن معظمنا يختل ميزانه فيميل ناحية كفة أكثر من الأخرى...وغالباً تميل كافة العمل الدعوي على حساب الاهتمام بالذات والعبادة الشخصية للأخ نفسه.

والآن يأتى إلينا رمضان آخر، ويأتي بحال غريب، فالكثير من أساتذتنا وأعلام دعوتنا وقادتنا ومسئولينا في سجن الظالم، نسأل الله لهم الأجر والحرية. وننشغل أيضاً بمتابعتنا لأخبار المسرحية العسكرية الجائرة، وهؤلاء الإخوان المعتقلين، وتسجيل كلماتنا في مدوناتنا، لتكون وسائلَ إعلامٍ متحركة، والحوار مع الناس وقراءة الصحف التي تتحدث عن هذه الأحداث، هذا بالإضافة لانشغالنا بحال الأمة الإسلامية عامة، فمن فتنة وقتال وعنف طائفي مستمر ومؤامرات للاحتلال في العراق، لخيانة وتعاون مع الاحتلال وحصار من فتح على حركتنا العظيمة الشامخة حماس وأهلنا في فلسطين (وبالأخص قطاع غزة)، لهموم مصرنا التي لا تنتهي بل تتجدد وتتطور يوم بعد يوم...إلخ.

فهل مع كل هذه الأحداث والظروف المتشابكة، نستطيع أن نستفيد برمضان ونجتهد في العبادة فيه؟ وهل سنستطيع تدبير وتنظيم الوقت فيه إن شاء الله؟

نطمئن – إن شاء الله – أن رمضان عند إخواننا المحبوسين ظلماً وجوراً مختلف تمام الاختلاف، فبجانب أجرهم في السجن والأسر في سبيل الله، وفي سبيل قَوْل كلمة حق عند سلطان جائر، وفي سبيل العمل لدعوة الله وشريعته ونشرها وإعلاء كلمتها وتطبيقها في ربوع الأرض، هناك خلوة النفس والبعد عن هموم الحياة (على الأقل بالجسد) وعدم وجود واجبات اجتماعية تحتاج لمشاوير ويتسنى لهم التفرغ شبه الكامل للعبادة ومحاسبة النفس، والإكثار من الذكر والحفظ ودراسة الشريعة الغرَّاء. ونسأل الله أن يطمئنهم على عائلاتهم ويمتعهم بهذا التفرغ العبادي ويتقبل منهم ويفك أسرهم أيضاً.

فهلا حاولنا اقتناص فرصة هذا الشهر الكريم؟
هلا انتبهنا من بدايته لكل دقيقة بل لكل ثانية فيه؟
هلا عقدنا العزم على بذل الخير لأنفسنا أولاً، ومراقبتنا لأعمالنا الإيمانية ومحاولة إعطائها أولوية عالية؟
هلا نوينا الاستغناء عن بعض ما نحب، من إنترنت وتدوين وتليفزيون (حتى النافع منه) قليلاً ؟

...هيا إلى وقفة في السحر في جوف الليل
...هيا لدمعة نسأل الله أن يمسح بها ذنوباً وخطايا كثيرة
...هيا لمناجاة لرب العالمين نعترف بما اقترفته أيدينا ونتذلل إليه سائلينه المغفرة والرحمة والقبول


اللهم بلغنا رمضان وأَعِنَّا على طاعتك فيه خير الطاعة ويسِّر لنا الاجتهاد في العبادة واجعلنا من عتقائه...اللهم تقبل.

/أخوكم
المنشد العام للإخوان المسلمين

السبت، ١ سبتمبر ٢٠٠٧

كل أفراد الإخوان المسلمين يقرئونك السلام

ابتعدتُ من واقع وطني الأليم قليلاً، واستغليت وجودي خارج الوطن – علَّني أُمنع من ذلك بعد حين – وذهبت لزيارته. كالعادة هي الراحة النفسية التي تملأ قلبك عند دخولك مدينته، وعباد الله يقفون في ازدحام قبل الفجر بساعة ونصف تقريباً ينتظرون فتح الأبواب، فما أن تُُفتَح حتى يهرول الجميع ليلحق لنفسه مكاناً في روضته التي أخبر عنها صلى الله عليه وسلم...نعم كانت الزيارة للحبيب، لم أزره منذ سبع سنوات!! وكان المشهد هو المشهد، والموعد هو الموعد، والزمان والمكان لم يتغيرا، إلا أن العُمر تقدَّم وزادت المسئوليات والهموم، وتغيرت الأحوال، وجئت محملاً إليه بهموم وشجون
سلَّمتُ عليه، وقلتُ له: "السلام عليك يا سيدي يا رسول الله، أشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وكشف الله بك الغمة، وجاهدت في الله حق الجهاد حتى أتاك اليقين"، ثم أخذتُ أعدد أمانات السلام، فذكرت بفضل الله أقاربي فرداً فرداً، بداية بوالدي ووالدتي وزوجتي وأختي وابنتي، ومروراً بالأعمام وعائلاتهم والأخوال وعائلاتهم، ذاكراً الاسم الأول فقط للسرعة التي يصرفك بها رجال الشرطة من أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم
ولقد فصَّلتُ بعض الإخوان بالاسم، ممن حمَّلوني هذه الأمانة، وآخرين جاءوا على ذهني في هذه الدقائق المعدودة، وبعض أساتذتي وقادتي المعتقلين والمحالين للمسرحية العسكرية، ثم أنهيتُ السلام قائلاً: "وجميع أفراد جماعة الإخوان "المسلمين يقرئونك السلام يا رسول الله
ثم تلفُّت على اليمين كالعادة للسلام على سَيِّدَيْنا الصدِّيق والفاروق – رضي الله عنهما وحشرنا معهم أجمعين – وتأملوا معي يا إخواني الكرام كيف اختار الله لهما هذا المرقد، ولماذا هما بالذات، على الرغم من أن الكثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُعرَف مكان دفنه أساساً؟! نعم إنه اصطفاءٌ ربانيٌّ لمن يجاور الحبيب حياً وميتاً
يارب نسألك مجاورته في الجنة ونسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة
هل فعلنا ما نستحق به هذا الجوار؟ هل أدينا ما علينا تجاه دعوة الإسلام ولو بأجزاءٍ صغيرة من الذي أداه صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل نحن على استعدادٍ لمزيد من التضحيات لاستحقاق هذا الجوار؟ هل نحن نخلص النوايا في العمل لنرتقي لهذا الجوار؟ هل سنمل ويصيبنا الضجر واليأس من المضي قُدُماً في طريق الدعوة، أم أننا سنصبر ونتابع ونستمر سائلين المولى عز وجل أن يقبضنا عاملين مخلصين؟
كل هذه الأسئلة قد دارت بخلدي في الساعات القليلة التي منَّ الله علينا بقضائها في الحرم المدني
ثم انتقلنا للبيت الحرام، ومنَّ الله علينا بأداء العمرة، والتي كان لإخواننا المعتقلين والمحالين للعسكرية الجائرة النصيب الأكبر فيها من الدعاء – تقبل الله - ولو أني كنتُ أتمنى أن يدعوَ لهم من هو أفضل مني في هذا المقام، ولكني على ثقة أن الله قد قيَّضَ لهم الفضلاء في بيته الحرام وبعيداً عن بيته الحرام، وهو المضطلع والقدير والحكيم في قدره وما يكتبه لعباده
لازلنا إخواني الأحباب في حملتنا للإفراج عن معتقلينا ونشر فضيحة المسرحية العسكرية الجائرة للرد على مخبري أمن الدولة في الصحافة الكاذبة من أمثال أحمد موسى وغيره، ولا تنسوا ما تردَّدَ دائماً على لسان مرشدنا: "كل أفراد "الإخوان وسائل للإعلام
...ننتظر جهودكم ومعاونتكم

/أخوكم
المنشد العام للإخوان المسلمين

الأحد، ١٩ أغسطس ٢٠٠٧

حملة مناصرة وتأييد معتقلي الإخوان المسلمين والمحالين للمحكمة العسكرية الجائرة...(البوست الأول)

هي محاولة منا – نحن مدوني الإخوان المسلمين – لعمل جهد على الفضاء الالكتروني كما يفعل غيرنا على أرض الواقع.
هذا هو جزء من حملة الإفراج عن الإخوان المسلمين الشرفاء، لا نبتغي منه استجداءً لأحد من القيادة، وإنما هي مطالبة بحق، وإقامة للحجة أمام الله، فما ضاع حق ورائه مطالب، ولكن قد يتأخر إلى حين.
:أهداف هذا الجزء من الحملة
  1. إبراء الذمة و بذل الوُسع والأخذ في الأسباب، في المطالبة بالحق، وهو الإفراج عن معتقلين سياسيين، لم يجتمعوا لتكدير الصفو العام ومستحيل أن تثبت عليهم هذه التهمة، ولم يحملوا سلاحاً ليكون دليلاً على استخدام الإرهاب، ولم ينتموا لأي تنظيم يهدد السلام الاجتماعي، أو يعمل ضد الدستور والقانون، بل يحترموا القانون وبعضهم حاصل على شهاداتٍ عليا فيه ومنهم من كان نائباً بالبرلمان، رأس السلطة التشريعية التي تُخَرِّج القوانين.
  2. نشر الحقيقة عن دعوة الإخوان المسلمين، وإلامَ تهدف، وكيف تعمل، وما أساليبها، لكشف الحقائق التي يخفيها الإعلام الحكومي المزور، والغائبة حتى عن الإعلام الفضائي الحر بنسبة كبيرة، نظراً للتحكم الحكومي غير المباشر فيه، أو التأثير عليه وتهديده إن هو كشف الحقيقة كاملة.
  3. إحداث زَخَمٌ إعلاميٌ ضخم وكبير عن طريق عدم الاكتفاء بالإنترنت، بل الخروج منه لمخاطبة فضائيات الجزيرة والعربية وجريدة المصري اليوم الالكترونية وبرامج العاشرة مساءً و90 دقيقة الفضائية وبعض الأقلام الحرة والمحترمة كالكاتب سلامة أحمد سلامة بالأهرام والأستاذ فهمي هويدي وغيرهم، وكل منبر إعلامي نستطيع الوصول إليه، بسيل من الرسائل الالكترونية التي تحتوي على ما سننشره في هذه الحملة.
:ماهية هذا الجزء من الحملة
هذا الجزء سيكون عبارة عن تحقيقات صحفية مصورة مأخوذة من أحاديث مع أهالي المعتقلين، ويحتوي التحقيق على مجموعة من الأسئلة التي تكشف الحقائق وتفهم الناس الأحداث كما هي وليس كما يصورها الإعلام، إلى جانب إلقاء الضوء على الشخصيات المعتقلة، ومكانتها في المجتمع وتاريخها في العمل الدعوي، وكلٌ له مضمار في حياته تخصص فيه وغالباً برع.
سأحاول جاهداً – كمساهمة مغترب عن أرض الوطن – أن أضع بعض الأسئلة المناسبة، وسأحاول التجديد فيها عن التحقيقات التي كانت تتم قبل ذلك مع أهالي المعتقلين، لتحقيق الأهداف السابق ذكرها من كشف حقيقة الجماعة وطبيعة أهدافها وطريقة تحقيق هذه الأهداف...إلخ، مع الحفاظ طبعاً على بعض الأسئلة التقليدية.
وطبعاً، من الممكن إضافة أي سؤال مناسب حسب الشخصية وظروف البيت المُزار، وشخصيات المحاورين...إلخ.
:المطلوب
نسخ هذه الأسئلة وطبعها، ثم القيام بزيارة لأسرة أو أسرتين – كلٌ حسب ظروفه والمتاح له – لبيوت المعتقلين، وإلقائها عليهم وتسجيل هذه اللقائات بالصوت والصورة، ثم تُنشر الإجابات نصياً مع بعض الصور، ثم يتم إرسال الموضوع برمته لكل العناوين البريدية المتاحة التي سنحاول موافاتكم بها في البوستات القادمة بإذن الله.
أين يتم النشر على الإنترنت؟
على كل مدوناتنا على قدر الاستطاعة، وكل من استطاع وامتلك وقتاً لإرسال بريد الكتروني إلى أي جهة إعلامية فعل، بحيث يجدون ضغطاً كثيفاً يدفعهم للتحدث عن الأمر.
والله الموفق والمستعان...
:والآن مع الأسئلة المقترحة
  1. نطلب من حضرتك بطاقة تعريف بالمهندس/الدكتور/الأستاذ/الحاج...؟
  2. وماذا عن الأسرة الكريمة؟ (تعريف بالأشخاص ذكوراً وإناثاً بالاسم والسن والمرحلة الدراسية/العمل).
  3. ماذا حدث يوم الاعتقال؟ وكيف علمتم به؟
  4. هل كانت هناك خطط أسرية عطلها هذا الاعتقال؟
  5. إذا أردنا معرفة يوم في حياة المهندس/الدكتور/الأستاذ/الحاج؟
  6. كثيراً ما يجيب الإخوان أنهم لا ينتمون لتنظيم يستخدم الإرهاب لقلب نظام الحُكم، إذاً ما هدف الإخوان إذاً، وماذا يريدون؟
  7. هل نستطيع الاطلاع على بعض مما يدور في أي اجتماع للإخوان، بحيث نفهم لماذا يجتمعون وفي ماذا يتحدثون وكيف يعملون؟
  8. الجماعة من الخارج عبارة عن حركة يسيطر عليها الشكل السياسي، قد يكون ذلك بسبب طبيعة العمل السياسي الذي يركز الإعلام على الاهتمام به في الوقت الحالي، أو عدم توازن لدى الجماعة، أو حقيقة. هل لكم أن تحدثونا عن الجماعة من الداخل؟ العلاقات بين الأفراد؟ مواقف معينة بين بيوت الإخوان؟ الرحلات والخروجات؟ الإخوان كأزواج وكآباء...إلخ.
  9. هل سيؤثر ذلك الاعتقال على مضي الإخوان في طريقهم؟
  10. لماذا في رأيك لا يترك النظام الإخوان يتحركون بحرية ويعطيهم حق التنظيم وكيان قانوني، ليثبت نظريته بأنهم تنظيم إرهابي هدفه الوصول للحكم؟
  11. ما أثر هذه الاعتقالات على البيت/ الأبناء/ نشاطات الحياة المختلفة التي تقومون بها؟ (نريد شرحاً لمشاعر الزوجة الوحيدة التي فقدت الونيس والمستشار ورفيق الدرب، مشاعر الأطفال الذين لا تستطيع عقولهم إدراك ما يحدث ولا يفهمون إلا أنهم يريدون بابا، والشباب المحتاج لحكمة الأب واستشارته، ما يلاقيه الأهل من كلام الجيران والأقارب...إلخ).
  12. هل من الممكن استعراض يوم من أيام الزيارة أو حضور العرض على النيابة بالتفصيل؟ (أين حقوق الإنسان في منع بعض المحامين ووضع العراقيل أمام النساء والأقارب وتحديد درجة القرابة والعدد ومكان الانتظار...إلخ).
  13. رسالة توجهينها لأمن الدولة.
  14. رسالة توجهينها للمواطن المصري (الإيجابية، دوام الاطلاع على أخبار الوطن، القرب من الله عز وجل...إلخ).
  15. رسالة توجهينها لزوجك/ابنك/أخيك/أبيك داخل المعتقل.
  16. دعوة تدعينها في السجود لله عز وجل.

إن شاء الله أحاول موافاتكم بالعناوين الالكترونية قدر ما استطيع ونريد مساعدتكم مع سرعة وقوة التحرك.
أتمنى نشر هذا البوست على كل منتدياتنا والتفاعل معه.

/أخوكم
المنشد العام للإخوان المسلمين

السبت، ١٨ أغسطس ٢٠٠٧

الأحداث تتوالى...ولازال المواطن يتفرج...3 رمضانات متتابعة يا أستاذي

هذا أخي وهذا جاري وهذه أختي وهذا ابن عمي وهذه ابنة عمي وهذا ابن خالتي وهذه ابنة خالتي...(لا أقصد أقاربي فعلاً وإنما من باب التمثيل)
كلهم يحدثون أنفسهم بمثل هذا الحديث:
"ماذا يريدون؟ عمالين يُعتَقَلوا ويُقبَض عليهم، وعاملين فيها اللي هيصلحوا الكون؟!!"
"لماذا قال الإخوان كذا ولم يقولوا كذا؟"
"كان يجب على الإخوان فعل كذا وعدم فعل كذا"
"الإخوان لا يفهمون أن الوضع المحلي يقتضي كذا...والوضع الإقليمي يقتضي كذا...أما الوضع العالمي فهو يقتضي كذا..."
"الإخوان يريدون مصلحة أنفسهم واستخدام الدين لتحقيق أغراضهم..."
"الإخوان الآن يقيمون صفقة مع النظام السياسي المصري لتحقيق توريث الحكم لجمال مبارك..."
"الإخوان يلعبون بموضوع الحزب السياسي حتى يحققوا تقدماً على السياق السياسي ويكسبوا ود النخب المثقفة ..."
أو:
"متى يقوم الإخوان بثورة ويخلصونا من الحكم الحالي؟"
"ربنا معاهم...ربنا ينصرهم...ربنا يثبتهم...ربنا يقويهم..."
هكذا...تدور الخواطر والظنون وفي أحسن الأحوال الدعوات كما ذكرتُ
هكذا...يتحدث كل هؤلاء وهم في أماكنهم وفي بيوتهم ووسط أبنائهم وغالباً تحت التكييف وبين ايديهم كوب النسكافيه
أما الإخوان فتعالى لنتأمل في برنامج مَن اجتمع منهم:
لقد استيقظ هذا (الأخ) مبكراً يوم أجازته - بدلاً من أن يطيل النوم - وذلك بعد أن قضى ليلته وسط أقاربه وعائلته ليقوم بواجب صلة الرحم.
وترك زوجته وأبنائه، وذهب لبيت أخيه (فلان) حيث الاجتماع التنظيمي الإخواني.
وماذا في هذا الاجتماع؟ - واللهِ تختلف الإجابة حسب غرض الاجتماع، فقد يكون للجنة الطلاب فتتم المناقشة في المبادئ المطلوب توصيلها للطلاب مثل الأمانة والصدق وعد الغش والحرص على التفوق العلمي والاستزادة من العلم، بالإضافة لتحبيبهم في الرياضة والأنشطة الترفيهية الحلال، لتستوعب نشاطهم في فترة شبابهم.
وقد يكون الاجتماع للجنة البر، فتتم مناقشة سجل المستحقين للمساعدات الشهرية وكفالة اليتام ومصروفات المدارس وملابس العيد، وكيفية توزيع جلود الأضاحي، أو زكاة المال أو الفِطر على مستحقيها أيضاً.
أما إن كان الاجتماع للجنة الأشبال، فتتم مناقشة أنشطة الأشبال، الألعاب الحديثة التي من الممكن إضافتها، الرحلات التي ممكن عملها، مناهج التربية التي يجب تدريسها والمعاني التي يجب غرسها في الأطفال، من إيمان وحب الخير والصدق، والحرص على الصلاة، والكلمة الطيبة.
وماذا لو كان الاجتماع للجنة السياسية؟، تتم مناقشة أعمال النائب - إن كان هناك نائب وغالباً ما تنشط اللجنة السياسية مع وجود نائب برلماني - والشكاوى التي قُدِّمَت إلى مكتبه، وهل هناك مواد قد تستخدم في سؤال برلماني أو طلب إحاطة أو بيان عاجل...إلخ.
وماذا عن التحركات الميدانية في الدائرة، والتنسيق بين القوى الأخرى، ومناقشة الحالة السياسية والأخبار المنشورة في الصحف وتحليلات الفضائيات وبعض وكالات الأنباء والتخطيط لعمل معين في حالة معينة تمر بها البلاد بالتنسيق مع باقي لجان الجماعة والقوى السياسية الأخرى مثل الاعتصامات، والمظاهرات، والمؤتمرات.
ويجب الإشارة هنا إلى الجملة التي أتخيل سماعها الآن: "آه...أديك قلت بنفسك أهو، يعني بيرموا يأنفسهم في التهلكة، ويرجعوا يقولوا الدولة بتقبض علينا ليه؟"
وكأن الصحيح أن تكون سلبياً...غير معنيٍّ بالشأن العام، وتنتظر حتى يُسمَح لك بالقدر الذي تمارسه في المعارضة ويكون من العيب عليك أن تفكر في إصلاح وطنك فأنت بذلك تعرض نفسك للتهلكة، وتعرضها للخطر.
ولمن لا يعلم من القارئين:
حق التظاهر السلمي مكفول للمواطنين بموجب الاتفاقيات الدولية التي وقَّعت مصر عليها.
حق التجمع السلمي لأي عدد من البشر مكفول.
حق الاعتصام مكفول.
حق نقد النظام مكفول...إلخ.
فأجيبوني أيها القارئون: ما العيب في كل ما ذكرت من أنشطة؟ وما الخطأ في أن يكون الإنسان محبا للخير باذلاً لله؟
وبعد ذلك، يُلام الإخوان ويُطلَب منهم التعديل والتبديل بشكل عادةً ما يكون بغير إنصاف ولا فهم عميق.
لا أتحدث بالطبع عن حديث النخبة مثل الدكتور عمرو الشوبكي والستاذ ضياء رشوان وأمثالهم من الذين ينقضون نقداً بناءً، وإنما أتحدث عن عموم الشعب الذي يكتفي بسماع أخبار الجزيرة (على أحسن الأحوال إن لم يكن منشغلاً بروتانا سينما) وقراءة الأهرام وسلام عليكم على كدة.
والخيّرين أصحاب النوايا الصادقة، يدعون لهم بالتوفيق، والسداد، أو يسألونهم التحرك!!
ولكن ألم يفكر أحد من هؤلاء أن يشاركهم التحرك، فتكون الأدعية: "ربنا يوفقنا...ربنا معانا...ربنا يثبتنا"؟
إلى متى سيظل المواطن خائفاً على لقمة العيش التي يأكلها بعد ذل ومهانة في بلده العزيز المسروق من ثلة الفاسدين؟!!
سيظل كذلك وسيسوء حاله كلما ازداد سلبيةً وخنوعاً...ولم ينفع بعد ذلك البذل بعد التعود على الدعة!!!
أما أنتَ يا أستاذي الدكتور عصام - تحديداً - فهذا هو ثالث رمضان (إن بقيت مأسوراً حتى رمضان وللأسف هذا هو الغالب) تقضيه في السجن بعيداً عن الأهل والأحباب والحياة والإعلام، بل قل بعيداً عن الحياة. ولعل الله يصطفي لك ذلك ليحقق لك خلوة تنتظرها وتفتقدها للتعبد له فيها.
بالطبع ليس معنى هذا السعادة بسجنك أو أن يتمنى أحدنا السجن، ولكن هي نظرة فقط على جانبٍ مضيء من الموضوع!
فانعم بخلوتك مع إخوانك، واحظى بأربعين يوماً لا تفوتك فيها تكبيرة الإحرام (إن كتب الله عليك السجن بهذه المدة أو يزيد، وإن كنا بالطبع نتمنى أن تنعم بها في وسط أهلك وأحبابك وإخوانك)، وراجع القرآن الذي حفظته وناجِ ربك ليس بينك وبينه حجاب، وأنت في أكثر من سبب وموضع لاستجابة الدعاء، فأنت في شعبان/رمضان، وأنت مظلوم وعندك سجود وجوف ليلٍ...تقبل الله منا ومنك وفك أسرك، وسائر إخواننا.
وحسبنا الله ونعم الوكيل...
"وَلاتَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمون، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُم لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ، مُهْطِعينَ مُقْنِعِي رُؤوسِهِم، لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِم طَرْفُهُم وَ أَفْئِدَتُهُم هَوَاء"
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الثلاثاء، ١٤ أغسطس ٢٠٠٧

القيادات...حائط صد

كنتُ قد كتبتُ هذه الخاطرة بحسب ما أتذكر على ملتقى الإخوان، وها هي الأحداث تثبتها وتزيدها منطقية.

حَكَى لي أحد إخواني الثقات أنه منذ حوالي 6 سنوات (2001) ذهب أحد الدعاة المشهورين من أبناء دعوة الإخوان (وهم كُثُر بفضل الله) إلى الأستاذ الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد، ليشتكي له من الشهرة ومن ملاحقة الصحفيين ووسائل الإعلام، ومن حرمانه من لقائات الإخوان وشوقه إليهم، حيث تم منعه من حضور أي لقاء إخواني حرصاً عليه ولمصلحة الدعوة (وكان هذا هو قرار مسئول المكتب الإداري التابع له هذا الأخ بالتنسيق مع الحاج مصطفى مشهور رحمه الله كمرشد عام للجماعة).

فقال له الدكتور محمود: "يا فلان...اثبت فأنت على ثغرة من ثغور الإسلام"، وبعدها بأشهرٍ قليلة تم تحويل الدكتور محمود إلى المحكمة العسكرية عام 2001 والتي حُكِمَ عليه فيها بخمس سنوات في ما سُمِّيَ بقضية الأساتذة.
فخَطَرَ لي خاطرٌ أن الله سبحانه وتعالي قد أضاف رداً عملياً للرد النظري الذي ذكره الدكتور محمود لأخينا الداعية، فها هو الدكتور قد قبع في غياهب السجن 3 أعوام، وظل أخونا – بارك الله فيه – يملأ الدنيا دعوةً وحركةً لله عزوجل، وكأن إخواننا في مكتب الإرشاد أو القيادات عموماً وبخاصة المعروفين للأمن، يمثلون حائطَ صدٍ لبقية الصف.
فلن يستطيع النظام أن يحيل كل الإخوان للمحاكمة العسكرية، وبفضل الله فإن الزَخَم الإعلامي – برغم محدوديته – الذي يصاحب هذه المحاكمات، يحجم النظام عن أخذ خطوات متتالية على نفس مستوى القوة، بل وكانت الاعتقالات تقف قليلاً بُعَيْد إحالة بعض الإخوان للمحاكمة العسكرية (إلا أن النظام في 2006/2007 لم يتوقف عن الاعتقالات منذ إحالة إخواننا الـ 40 وحتى الآن، بداية بمجموعة الدكتور محمود غزلان وحتى مجموعة الـ 18 الذين تم اعتقالهم من الجيزة منذ أيام).
إخواني الأحبة،،
إن اعتقال قياداتنا وعلى رأسهم نائب فضيلة مرشدنا المهندس خيرت الشاطر، يجب أن يدفعنا للبذل والعمل أكثر وأكثر، كلٌ في موضعه.
لقد سُجِنَ إخواننا لتبقوا أنتم أحرار، لقد سُجِنَ إخواننا لتبذلوا أنتم للدعوة، لقد سُجِنَ إخواننا ليحموا ظهركم – نسبياً – لاتَدَعوا للنظام الفاسد فرصة ليفهم منها أن شوكتنا قد كُسِرَت، وأن جهدنا قد تأثر، يجب علينا أن نعمل بجهودٍ مضاعَفَة.
إن السُنَّن الكونية تقتضي ضرورة التضحية وتمحيص أصحاب الدعوات، وصدق المولى عزوجل في قوله: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكوا أَن يَقولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفتَنُون"، لذلك وَجَبَ علينا أن نعمل وأن يكون سَجنَ إخواننا وقوداً يحركنا ويدفعنا للبذل أكثر لنشر الدعوة والتحرك بالإصلاح على مبدأ الإسلام في المجتمع.

فَكَّ اللهُ أسرَ إخواننا جميعاً وجعل كل ما مضى في ميزان حسناتهم، وعَوَّضهم عما سُرِقَ منهم وسُلِبَ خيراً بإذن الله، ورَزَقَ إخواننا وأخواتنا من أهلم الصبر والثبات والأجر...

أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الأحد، ٥ أغسطس ٢٠٠٧

حديث الذكريات...الحلقة الرابعة (مرحلة الجامعة تكوين حقيقي للشخصية):

- الجامعة مجتمع كبير ومليء بالأسرار والخبايا. ومن المعروف أن كل البلاد تُقاس فيها إيجابية المجتمع عن طريق جامعاتها وشباب هذه الجامعات، مواقفهم، آرائهم، حجم تحركاتهم ومدى تأثيرها، المدارس الفكرية/ الحزبية/ السياسية ومدى تجاوب المجتمع الطلابي مع كل مدرسة فكرية...إلخ.

- بعد أن تعلَّمنا العمل في الدفعة، جاءت أول انتخابات في الكلية، وتعرفنا فيها على اتحاد الطلاب وأقسامه ولجانه، والترشيح والشطب ورفع القضايا. وإلى جانب ذلك تعلمنا أن العمل والإخلاص لله وليس للفوز بمقعد في الاتحاد أو غيره، وتعلمنا معنى خدمة الناس وأن خير الناس أنفعهم للناس، ومعاني التضحية بالوقت والجهد والبذل وتقسيم وتنظيم الوقت بين المحاضرات والسكاشن والمعامل والتجارب العملية من ناحية وبين العمل الدعوي من جهة أخرى.

- كل لحظة في الجامعة مع الإخوان تربية عملية، كيف تستقبل زملائك ببسمة، كيف تؤثر فيهم، كيف تكون هادئاً قابلاً للنقاش، قادراً على ضبط نفسك وسلوكك ورد فعلك، صبورا لسماع وجهات النظر المتعارضة مع وجهة نظرك.

- الانتخابات الطلابية، تعلمنا فيها من إخواننا كيفية الوقوف أمام اللجنة بثبات ومراقبة شديدة وعَدُّ الذين يصوِّتون، وكان الآخرون يتنازعون ويتشاجرون لأن أحدهم وقف أكثر من الآخر وأكثرهم منشغل بحوار مع "زميلته" مع تدخين السجائر المستمر، بينما الإخوة يتنافسون في الإيثار بينهم وبين بعضهم، وكل أخ يُؤثِر أخاه بما معه من قليل طعام أو حلوى، ويمر أخ على كل اللجان ليوزع عطراً على إخوانه ويقول لهم: "عشان رائحتك تبقى حلوة في الحر ده"، ومعظمهم منشغل بالذكر وتلاوة القرآن.

- وكان زملاؤنا ينبهرون بانتظارنا لنتيجة الانتخابات وإصرارنا على عدم مغادرة الكلية حتى ينتهي الفرز، ويتخلل تلك الفترة أدعية وأناشيد مبهجة وتوزيع ابتسامات على الناس.

- طبعاً لم يكن شغلنا الشاغل هو الفوز في الانتخابات، ولكننا كنا نترشح ونحرص على الفوز فيها حتى تكون في أيدينا أدوات تسهل لنا ممارسة الدعوة، فرحلة تحت مظلة الاتحاد يختلف المجهود المطلوب لها عن رحلة ننظمها ذاتياً. وبالموازاة مع كل ذلك، وكما يعلم الإخوان فإن الجلسات التربوية لم تنقطع وهي التي يقرأ فيها الإخوان القرآن ويتدارسون الحديث مع السيرة وبعض الأخبار المحيطة...إلخ.

- فزنا في انتخابات هذه السنة (1996/1997) بأغلبية مقاعد الاتحاد، وكانت السنة 23 على التوالي تقريباً التي نفوزفيها بأغلبية – لعل مجدي سعد يصحح لي هذا الرقم إذا دخل على مدونتي – وكانت المرة الأولى التي نحضر فيها – نحن طلاب السنة الإعدادية – الاحتفال بالفوز، طفنا أرجاء الجامعة والكلية إنشاداً وهتافاً بشعاراتنا الإخوانية الخالدة التي أقبل عليها الناس من فضل الله وشاركونا فرحة الفوز. فَعَلَت الأصوات: "الإسلام هو الحل...شرع الله عزوجل" – "إسلامية إسلامية...كل الجامعة إسلامية" – "الله أكبر ولله الحمد"...إلخ، وكنا نقول الشعارات بوجوه مبتسمة وبسعادة غامرة وليس من قبيل التحدي، وكان وَقْع كلمة "إسلامية" قوياً وقصدنا به مجرد فوز التيار الإسلامي الفكري بمقاعد اتحادات الطلاب وليس معناها أن الباقين غير مسلمين لاسمح الله، وكانت الناس سعيدة وتحبنا ونحبها من فضل الله. وكانت هذه الشعارات لا تُسمَع في أي بقعة من بقاع شوارع القاهرة، لذلك كانت بالنسبة لنا - نحن أهل المدينة - متنفسٌ نعبر فيه عن انتمائنا الإسلامي الإخواني، لأن إخواننا في الكثير من محافظات الريف تقريباً تعتاد على ذلك ولا تستغربه.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله...
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

حديث الذكريات...الحلقة الثالثة (عملي مع الإخوان بالجامعة):

- كنتُ قد بدأت جلسة تربوية مع الإخوان في الصف الثاني الثانوي، وكان ذلك عقب عودتي من المعسكر الآنف ذكره مباشرة، وكان ذلك مع بداية العام الدراسي 1994. ولكن بسبب القرار التاريخي لوزير تعليم بلدنا بجَعْل الثانوية العامة سنتين، لم تكن هذه الجلسة منتظمة، ولكنها استمرت بضعة شهور.

- وهكذا أخذتني الثانوية العامة وتَزامَنَ ذلك مع محاكمة الإخوان العسكرية عام 1995، فأُلغِيَت معسكرات الإخوان الكبيرة ولم يكن لي حظٌ أن أحضر واحداً آخر حتى دخول الجامعة.

- في سنتين الثانوية العامة، بدأت أحضر دروس السلفيين في المساجد وبدون انتظام أو معرفة أن هؤلاء سلفيين، وكذلك اعتكفتُ معهم سنتين تقريباً وكنت أقابل الكثير من الإخوان في هذه الدروس والمعتكفات.

- جاءت لحظة دخول الجامعة وكنتُ قد امتلأت تماماً بقناعة العمل الإسلامي وجاء دخولي لكلية الهندسة أحد قلاع العمل الإسلامي ليزيد الأمر ويثبته، وكانت البداية الحقيقية.

- تعرفت في الكلية على الإخوان من أول يوم حيث سبقني إلى الكلية من منطقتي 3 من الإخوان أعرفهم معرفة وثيقة لأنهم يكبرونني بعام أو اثنين، فهم الذين استقبلوني في الكلية وطافوا بي في أرجائها.

- بدأت أقترب من الإخوة بشدة، وما هي إلا أيام معدودة حتى فهمت أسلوب العمل في دفعتي، والذي كان يشمل مقرأة أسبوعية صباحية قبل المحاضرة الأولي بنصف ساعة، مسابقة أسبوعية بجوائز رمزية (على حسابنا، يعني الإخوة بتجمع من بعض ونشتري – عشان اللي بيسأل التمويل منين)، كلمة نصف أسبوعية في المدرج عن معنى إيماني أو عن الأحداث الجارية أو عن الكلية نفسها أو عن المذاكرة والامتحانات..إلخ.

- ومرحلة الكلية مليئة بالذكريات والمعاني والأحداث، وهي التي أصقلت شخصيتنا جميعاً، والذي ينتسب للإخوان قبل الجامعة يختلف بكثير عن الذي يلتزم بداخل الجامعة ويختلف أكثر عن الذي يلتزم بعد الجامعة.
وإلى الحلقة القادمة بإذن الله...
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

رحلة إلى الروح...خواطر من مكة

مهيبة هي...عظيمة هي...ثابتة هي...محور هي...مُشَرَّفةٌ هي...
نعم إخواني إنها الكعبة المشرفة...

فبعد رحلة برية استمرت 12 ساعة من الرياض إلى مكة، وصلنا الفندق بمكة ونحن محرمين بين أذن الفجر وإقامته، وبفضل الله التحقت بالحرم في تكبيرة الإحرام، ثم أنعم الله علينا بأداء العمرة، ثم عدت إلى الفندق، وصباحاً قابلتُ حماتي وأبنائها – ماعدا زوجتي!! – لأنهم جاءوا من مصر معتمرين أيضاً، وكنتُ قد ضبطتُ موعد قدومي إلى مكة بموعد قدومهم، فتلاقينا بفضل الله، وحضرت معهم لقاء مع الشيخ صفوت حجازي، وانتهى اليوم ثم صلينا الجمعة بالحرم المكي وانطلقنا عائدين إلى الرياض وها قد عدتُ إليكم لأحدثكم عن خواطري عن بيت الله الحرام.

1- هذا المكان رائحته جميلة وهبوب ريحه مريح نفسياً، وأظن أن ذلك بالنسبة لمعظم من يزوره، فبمجرد بدايتك للمناسك تتخلل إليك قوة بدنية ونفسية رهيبة تدفعك لتكملة المناسك مهما كان التعب أو الزحام. فهذا جدي صاحب ال65 عام رحمه الله، كان مريضاً بالروماتويد منذ ولادتي، ولا يستطيع أن يمشي أكثر من 5 أو 10 دقائق في ذلك الوقت، وكنا خائفين عليه جداً وهو ذاهب للحج في الثمانينات على هذه الحالة، وجهَّز له الذين معه، كرسي الطواف ومرافق...إلخ، ففوجئنا به عائداً يخرج من المطار سائراً على قدميه بل تقريباً يجري! ويخبرنا بأنه طاف على رجله، بل ورجم بنفسه!! وهذه جدتي بارك الله في عمرها، حيث كانت آخر عمرة لها وهي في عمر تجاوز الثمانين بعام أو اثنين، وتمكنت بفضل الله من أداء بعض المناسك بنفسها...وهكذا.

2- مُعجِزٌ هذا المكان الذي يجمع المسلمين من كل بقاع الأرض إليه مهما كان جنسهم ولمهما كانت لغتهم، وكم هي عظيمة هذه العبادة يا الله، التي كتبتها علينا لتفهمنا كم أن تجمعنا ووحدتنا هي الأصل.

3- نعمة هي أن تكون عربياً، فما هو شعورك وأنت لاتستطيع أن تتقن قراءة القرآن لأنه ليس بلغتك، ولاتفهم بعض من الأدعية التي ترددها لمجرد أنها مكتوبة في كتاب بلغتك؟ والغريب أن هؤلاء غالباً ما تجد تأثرهم وتمسكهم أقوى من الكثير من العرب!

4- جو الصحراء العنيف الذي يسبب الأمراض، كيف عاش فيه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وجاهدوا ومشوا المسافات؟ وكل ذلك ليصل الدين إلينا. أتفق في أن هناك بركة الله وقدرته التي رزقهم التحمل، وأتفق أنه قد تكون طبيعة أجسامهم مختلفة عن أجسامنا، وأتفق مع كونهم معتادين على هذا الجو أكثر من أمثالي الذين نشأوا في المكيفات والعصر الحديث، ولكن رم كل ذلك أستشعر تعباً وجهداً وبذلاً قوياً قاموا بهم جميعاً، تقبل الله منهم وأعاننا على حمل هذه الأمانة الثقيلة وخاصة بعد أن فرط الكثير منا في كثير من الأصول!!

5- جئتُ إلى العمرة عام 2000 منذ 7 أعوام ولم تتغير معظم الأسعار، وذلك بفضل التضخم الاقتصادي السعودي الرهيب، فنحن عندنا مشاريع في السعودية مثلاً لمدة 20 عاماً قادمة!! فحلقت بـ5 ريال عام 2000 وحلقت بـ5 ريال عام 2007!!! يا حسرة على بقعتي التي وُلِدتُّ فيها والتي تمتلك من الكنوز والثروات الكثير ولكنها منهوبة وحسبي الله ونعم الوكيل!

أسأل الله لي ولكم القبول وأن يرزق كل من لم يعتمر العمرة والحج بإذن الله.
ولم أنساكم في الدعاء بفضل الله، واختصيت بالدعاء بالطبع، أهلي وأصدقائي وإخواني وحماس ومجموعة المهندس خيرت ودعوة الإخوان.

أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠٠٧

وما الوطن إلا ذكريات!!

ذكرى محزنة...ذكرى مفرحة...
ذكرى مريحة...ذكرى مؤلمة...
ذكرى بعيدة...ذكرى قريبة...
ذكرى طفولة...ذكرى شباب...
ذكرى مبكية...ذكرى مضحكة...
ذكرى مُنوِّمة...ذكرى مفيقة...

دارت بخلدي العديد من الذكريات المتنوعة، وكان لذلك قصة غريبة، فنظام شركتنا في تسكين الغرباء عن البلد الذي يعملون فيه أن يسكن في الشقة فردين، ولكن بعد حوالي أسبوعين من وصولي، غادر شريكي في الشقة فأصبحت بمفردي...

كلُ هذا عاديٌّ جداً، فلقد عشتُ 9 أشهر ببيروت بمفردي أيضاً، فليست هذه هي المرة الأولى التي أقضي فيها فترات طويلة بمفردي. ويكون قضاء الوقت بعد يوم عمل شاق أو طويل أو ممل، غالباً بين قناةٍ وأخرى في التليفزيون، إما "الأقصى" أو"الجزيرة"، أو العاشرة مساء بـ "دريم 2" أو 90 دقيقة بـ "المحور" أو فيلم إحنا بتوع الأتوبيس بـ "ميلودي أفلام" أو...أو...
وبقية الوقت بين الوِرد القرآني، وشرب الشاي وأكل الفاكهة، وبعض القراءة والكتابة على الكمبيوتر، وذلك حتى ينتهي اليوم استعداداً ليوم ببرنامج مشابه في الغالب.

وحدث ما لم يكن في الحسبان، فتعطل التليفزيون، فاضطررتُ أن أستغنى عن الوسيلة الرئيسية في قضاء الوقت!
ولكن بحمد الله كان لذلك أثرٌ جميل، فقد أخذتُ أُقَلِّبُ الكمبيوتر وما به من كنوزٍ مَنَّ اللهُ عليَّ بجمعها طوال الأعوام الماضية، وهذا هو بيت القصيد...

- أول ما يقلب عليَّ الذكريات هو الدعاء والمناجاة وقراءة القرآن للدكتور "خالد أبو شادي" وهو بالطبع غير متوفر في كاسيت، بل على الكمبيوتر فقط، ويالَلراحة التي يسببها لي صوت الدكتور الذي أصفه بالشَجِن، وأسأل الله أن ينفعنا بتلاوته ودعائه ومناجاته المحركة للقلب وإن كان من الحجر (إن شاء الله) وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته.

- وهذه أنشودة "أخي في فؤادي وفي مسمعي" قد قلَّبَت عليَّ ذكريات مع إخواني بالجامعة وأوقات جميلة قضيناها سوياً، وندمٌ شديد على كل لحظة مرت ولم يستفد الواحد منا فيها بهذا الجو الذي يناديك: "اعمل فيَّ بالدعوة فلن يمر عليك وقت كهذا في عمرك كله!!" وبالفعل، وياليت سنين الجامعة تضاعفت 3 أو 4 أضغاف!!

- وأنشودة: "سامعة أيوة دي دقة قلبي بتسأل من فرحتها...بقى معقولة اليوم ده فرحنا؟" قلَّبت عليَّ ذكريات أجمل أيام عمري بفضل الله، وهو يوم زواجي من زوجتي الحبيبة، التي اشتقت لها شوقاً كبيراً في أول سفر يفرقنا عن بعضنا. اشتقت لبسمتها في وجهي حين أدخل منهكاً من يوم عمل طويل، ولنقاشها في مشكلة من مشاكلها مع الأخوات في العمل أو أي مشكلة أخرى. اشتقتُ لتمشيتنا معاً لنشتري كل أغراضنا، أو جلوسنا سوياً في النادي، أو على مائدة عشاء أدعوها عليه مفاجئاً إياها به عن طريق sms فأرى السعادة والفرحة في عينيها الرقيقتين...

- وأغنية: "أحلف بإني أعيش لفكرة أحلى ما فيها ثوابها بكرة" قلَّبت عليَّ ذكرى وَضْع أساتذتي وقادتي خلف أسوار سجنٍ ظالمٍ، وأن ما أشعر به من وحدة وأقسى منه بكثير يشعر به إخواني وأخواتي أبناء وأهالي المعتقلين، وهو أقسى لأن فيه نوعاً من الإذلال، فعلى الأقل أنا أعيش حراً وأتكسب من سفري، ولا تعاني أسرتي إلا من فراقي، والذي هو مؤقت بإذن الله ومعلومة مدته، ولكن إخواني الكبار وأساتذتي غُيِّبوا دون ذنب أو جريرة، وعلى فجأة وفي سجن وليس في مجرد بلد غريبة، وما أدراك ما سجون مصر، ولمدة غير معلومة، بل حتى لم يبدأ حسابها بعد لأن الحُكْم المُجّهَّز مُسَبَّقاً يماطل العسكريون المأمورون في النطق به لإضفاء شرعية على المحاكمة الظالمة، وسُلِبَت منهم أموالهم وحُرِموا من ثرواتٍ ظلوا يبنوا فيها عشرات السنين ويرثوها ويكبِّروها بجهد وعرق وبذل، وهم في نفس بلد أبنائهم ولكنهم محرومين منهم إلا من لقاء عابر في ميعاد الزيارة المليء بالذل والمهانة لأعظم رجال وأهلهم في وطني المسلوب!!

- ومسرحية "شقلبة" قلَّبت عليَّ ذكرى حمايَ رحمه الله الذي عمل في نقابة المهندسين رئيساً لإحدى شُعَب الهندسة بجانب عمله الدعوي الثقيل الذي كلفه به الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله، وظل فيه وقتاً طويلاً، حتى بعد موت الأستاذ عمر، وكيف أن فرقة "شباب المهندسين" التي قدمها مسرح نقابة المهندسين، أو بلفظ آخر: مسرح الإخوان المسلمين على خشبة النقابة، كانت/كان إحدى/أحد نتاجات عمل هذا الجيل العظيم – أقصد جيل حمايَ – عملاً دؤوباً دون كلل أو ملل، لينشروا دعوة الإسلام الشاملة بمختلف الوسائل الدعوية بعد خروجهم من سجون عبد الناصر، من دورات ورحلات وندوات ومؤتمرات بل وفن عميق وكبير مثل المسرح، وكيف كان مسرح النقابة أول مسرح إسلامي شبابي تقريباً يظهر بمصر بعد غياب طويل، وأين جيلنا من هذا الجيل وأين بذلنا أو تحديداً أين بذلي وأين أنا من هذا كله؟ وللأسف الشديد فلم يتغير كثير مما ناقَشَتْهُ هذه المسرحية الجميلة النافعة!!

- ولم أستسِغ سماع الأغاني العادية وخاصة من النساء طوال هذه الفترة من حياتي باستثناء النادر واليسير جداً والذي يأتي صطفة وفي معظم الأحيان دون قصد، ولم يبدأ ذلك إلا بعد زواجي تقريباً (باستثناء فترة الأوبرا في الطفولة بالطبع)، فمعظم سماعي لذلك لإهدائه لزوجتي الحبيبة أو لأعيش في ذكرى معينة بيننا. فكانت أغنية: "ماشربتش من نيلها...جربت تغني لها" وهي ليست على الكمبيوتر واكتشفتها صطفة أيضاً وأنا أقلب بين القنوات (قبل عطل التليفزيون) ولكن ما دمنا نتحدث عن خواطر منفصلة فهي من هذه الخواطر، ومَن يعرف فيكم هذه الأغنية يعلم كم أن كلماتها رهيبة ومؤثرة للغاية، وهي تؤثر في كل مَن في الغربة، وقلَّبَت عليَّ تلالاً من الذكريات الأليمة والمفرحة في آن واحد، فهي ذكريات وجودي في بلدي عموماً!!

- وهذه "الكتب الكثيرة" المسجلة على كمبيوتري ومعظمها لم أقرأه، وأخذتني ظروف الحياة ولم أنتبه لها إلا قليلاً، ألم تأتِ الفرصة الآن لقرائتها والانتفاع بها؟ وإلا أين ستسنح فرصة أفضل من ذلك؟ وقلَّب ذلك عليَّ ذكرى أيام كنتُ أقضيها بحثاً على الإنترنت عن كتاب نادر غير موجود بالسوق كـ:"معالم في الطريق" للشهيد سيد قطب مثلاً.

- وأنشودة: "سنين عمري...مفيش في الدنيا دي قوة هتبعد رحمته عنك" حرَّكت داخلي معنى التوبة الرحمة الذي أحتاجه بشدة وأسأل الله أن يعينني وجميع إخواني عليها وأن يثبتنا بعد هذه التوبة...

كثيرة هي الخواطر...ومتنوعة...منها ما ذكرتُه ومنها ما لم أذكره...
منها الخاص ومنها العام...ولكني أزعم أن ما ساعد على تقليبها عليَّ ليس فقط عطل التليفزيون ووجود الكمبيوتر بل أيضاً الغربة، لأن معظم ذكرياتي مرتبطة بوطني الذي نشأتُ وعشتُ فيه!!

فوجدتُ مقولة تخرج من صدري وقلبي: "وما الوطن إلا ذكريات"!!

أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الخميس، ٢٦ يوليو ٢٠٠٧

خواطر حول السفر...الحلقة الخامسة...مقابلتي لأخي محمد

الكثير منكم يا إخواني الأعزاء يعلم تجاربي مع السفر (من خلال خواطري المنشورة في ملتقى الإخوان المسلمين)، وكيف أني أتخذه فرصة للتعرف على المجتمع الذي أزوره وأحاول قدر إمكاني معرفة الخطوط العريضة لهذا المجتمع، وأكرر "الخطوط العريضة"، لأن هناك الكثير من التفاصيل التي لا يستطيع معرفتها مَن لا يعيش فترة طويلة في أي مجتمع.
والقاسم المشترك في كل هذه الرحلات هو العلاقة مع الإخوان في الخارج والذين عن طريقهم أحاول توفير الكثير من الوقت عن طريق سماع شرحهم وتعليقاتهم وخبراتهم عن هذا المجتمع.
طبعاً هذا يقودنا لقسوة التوصيل للإخوان خارج القطر، فيمر وقت طويل قد يمتد لسنين لمجرد توصيل الأخ بإخوانه في القطر الخارج عن قطره، وأنا لازلتُ في هذه المرحلة الآن، وأحاول تكثيف اتصالاتي مع مصر ومع مَن أعرف من الإخوان المصريين المقيمين هنا وربنا يسهل بإذن الله.
اليوم حدثت لي مفاجأة جميلة...يكبرني بخمس أعوام...خريج نفس كليتي الحبيبة...التقينا في بعض الأعمال الإخوانية والفاعليات العامة، لم يُقّدِّر الله لنا أن نتعمق في علاقتنا، على الرغم من اكتشافي أننا نتشابه في بعض الأشياء، فهو يعشق الكتابة والأدبية منها بالذات، وجدته أمامي بعد صلاة الجمعة يصلي معي في نفس المسجد بالرياض.
إنه أخي محمد، يعمل هنا منذ سنة ونصف السنة، وتحدثنا وأخذني حيث يسكن، وعزمني على الإفطار فتناولناه معاً – كلٌ منا لم يتناول فطوره قبل الجمعة – وتحدثنا في الوضع بالرياض ووضع الإخوان بالذات وحكى لي عن عناوين مؤلمة، فالذي يريد أجازة ولايوافق له ما يُسَمَّى بالكفيل، والآخر الذي يضطر أخٌ له أن يُوَقِّع على مبلغٍ معين من المال لضمان عودة الأخ، والذي يستقيل ويمنعه كفيله من الخروج من المملكة، والذي يخرج من المملكة ويستدعيه كفيله باستخدام بعض الإجرائات الحكومية...إلخ والكثير من المواقف المؤلمة.
تحدثتنا في الكتابة ووجدت أنه قد قرأ مقالاً شهيراً لي على "إسلام أون لاين" وجعلني أقرأ بعض إنتاجه الأدبي أيضاً، وبالطبع فتحت معه ظروف توصيلي مع الإخوان في الرياض، وإن شاء الله سأجتهد في حل هذا الأمر.
حقيقة كان لقاءً أخوياً جميلاً رائعاً، وقدَّره الله من عنده على فجأة فأخي غير معتاد على الصلاة في هذا المسجد، ولكن أقدار الله جمعتنا، فسبحان الذي يجمع الإخوة من كل مكان!!
وإلى خاطرةٍ أخرى بإذن الله حول السفر...

الثلاثاء، ١٠ يوليو ٢٠٠٧

خواطر حول السفر...الحلقة الرابعة

مسافر أنا بعيد عن أهلي ووطني الذي وُلِدتُّ فيه، فأخاف أن أتحدث في أمر إصلاحي أو شأن من شئون المجتمع العام الذي أعيش فيه، وإن تحدثت فمع القريبين وبعض زملاء العمل، وقد أخاف أن يكونوا من مخابرات الحكومة أو غيرها فأتحاشى الحديث تماماً خشية أن يرحلوني أو يسجنوني.

أخاف أن أؤدي نشاطاً خيرياً علنياً لأني أعيش بإقامة أو بفيزا زيارة، أخاف أن أدلي بحديث لصحيفة أو أن أقول رأيي في برنامجٍ تليفزيوني أو أن أتحدث هاتفياً مع زميل لي فقد تكون الهواتف مراقبة ويحدث ترحيلي فأخسر ما جئتُ من أجله، وهكذا.
كل الأفكار التي تجول في خاطر معظم – وليس كل – من سافر تتلخص في: "ياعم إنتَ جاي تاكل عيش، كل عيش وإنتَ ساكت" أو "يعني إنتَ قاعد هنا على طول، سيبهم يتفلقوا يا عم، لما ترجع بلدك ابقى اعمل اللي إنتَ عايزه"...إلخ وما إلى ذلك.
أعود وأكرر علَّ ذلك حدثتني به نفسي لأني أعيش مؤقتاً قبالفعل ليس هناك داع للدخول في هذه الطرق، أما إن كان وجودي سيطول قد أغير من هذه الأفكار، ولكن الغريب أن هناك المئات من أبناء الدعوة يعيشون على هذا الفكر، وأفضل ما يقومون به هو التربية الداخلية.
فتجد الأسر منتظمة إلى حد ما، وهناك بعض الأنشطة مثل رحلات العمرة والحج والإفطارات الأسرية الجماعية، ولكنها كلها أنشطة داخلية وتتغير من بلد غلى أخرى، فإن كان جو السعودية يساعد على إقامة دروس البيوت ورحلات العمرة والحج، فإن مجتمعات الإمارات وغيرها لاتساعد على ذلك في الغالب، فمن شبه المستحيل أن تقول كلمة في مسجد أو ما شابَهَ ذلك.
المهم أنك في الخارج تُحّدَّد مهمتك في المقام الأول في جمع المال والحرص على أن تكون قليل النشاط وقد يمتد ذلك لعشرات السنين.
حقيقي أن الخير في كل مكان، وأن من أراد أن يعمل للدعوة فسيعمل في كل مكان، وأن الدعوة لا تقتصر على العمل المجتمعي أو السياسي، ولكن المشكلة حين يعود هذا الأخ إلى بلده، فإن انخراطه في العمل مع المجتمع يكون صعباً، لأنه تعود على العمل الداخلي.
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

خواطر حول السفر...الحلقة الثالثة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غريبٌ أمر هذا الوطن، وكما قال الإمام الشهيد "نحن مصريون بهذه البقعة"، فمهما يفعل فينا فنحن نحبه، وأذكر أني قرأت في أحد المدونات post يتحدث عن هذا الأمر، ويقول "حيَّرتني أيها الوطن".
ولكن الحقيقة أن ذلك منطقيٌّ، فنحن نحب الوطن الطفولة والوطن الذكريات والوطن الأهل والأقارب والوطن الإخوان والوطن الاستقرار، وذلك لا يمنع أن نكره الفاسدين القائمين على هذا الوطن، بل إن ذلك من صميم حبنا له وحرصنا عليه وعلى مستقبله. نحن نحزن لما نرى عليه أمر وطننا، لأننا نعلم أن ثرواته تستطيع أن تحقق له الكثير وترتقي به في أعلى المستويات ولكنها منهوبة، نحن نحزن عندما نتذكر أن وطننا هو الذي أطعم العالم كله في زمن سيدنا يوسُف، نحن نحزن لما نراه من سلوكيات همجية ولا أخلاقية من بعض أفراد شعبنا نظراً لضغط الحياة الذي يعيشه هؤلاء الأفراد وسعيهم المؤلم المجهِد في طلب الرزق لتحقيق الكفاف لأولادهم ولانعدام وجود نظام إداري صارم يستطيع المواطن فيه أن يحصل على حقه أو ينتهي من إجرائاته الإدارية الرسمية في بلده، بل في كل نوع من أنواع الإجراءات تقريباً يجب أن تشعر بالمهانة وضياع الوقت والرشوة وعشوائية الإجرائات!!

وذلك الحزن هو من صميم حبنا لهذا الشعب وهذا الوطن الذي نتمنى له الرفعة والتقدم.

وبالرغم من كل ذلك فلقد شعرت بالمهانة وأنا أنظر للمصريين في الطائرة وهم عائدون إلى السعودية التي يعملون بها ووضعهم المؤلم، معظمهم أسر بدون رجل، لأنه في الغالب لم يستطع أن يترك العمل ويصاحبهم في الأجازة أو على الأقل لم يستطع أن يقضي كل الأجازة وسبقهم للعودة أو ما إلى ذلك من ظروف.
وتخيل معي، الأم بأطفال منهم الرضيع المحمول ومنهم الذي لا يكف عن الحركة واللعب (3-7 سنوات) وهي بمفردها في الطائرة، والضوضاء التي يسببها ذلك كله، ونزولهم للمطار ووقوفهم في الطوابير والحزن الذي يعتريهم لتركهم الأهل والوطن، وكل الحديث في الطائرة: "هنعمل إيه...لازم ننزل أجازة ومفيش شغل في البلد فلازم نرجع"، أو حوار كذلك مثلاً: "بقى لك أد إيه في الرياض...واللهِ 10 سنوات أو 20 سنة...ياااه...خلاص اتعودت مش قادر أتحمل العيشة في مصر...أنا باتبهدل لما أنزل أجازة..."، وكلهم يعيشون في الغربة للعمل ولجمع المال (وسأتحدث عن ذلك لاحقاً) فقط تقريباً.

حمدتُ الله أن رزقني في بلدي وأن سفري مؤقت، وأدعو الله أن يجعل حالي كذلك دائماً. فقد عشتُ في بيتٍ يرفض السفر واقتنعت أن حياةً براتب يساوي ثلث أو ربع ما قد أحصل عليه مع السفر ولكن في وسط أهلي وبلدي وباستقرار هو أفضل بكثير من ذلك السفر الذي أفقد فيه استقراري ويظل بالي مشغولاً بميعاد العودة وهل هي ممكنة وماذا سأفعل حين أعود وكيف سأبدأ التعود على بلدي من جديد، وهل سيستطيع ابنائي الذين تعودوا على رفاهية الخارج (في الغالب) أن يعيشوا في مصر، وليست لهم فيها ذكريات طفولة أو ارتباطات أو أصدقاء قدامى، وفترات الأجازة كانت قصيرة...إلخ.

طبعاً هناك استثنائات من هذه الحالة، فليس كل من يسافر يظل مسافراً لعشرات السنين ويتعود ولا يستطيع العودة فهناك من يكون شجاعاً ويتخذ قرار العودة في الوقت المناسب، وهناك أيضاً من يهدي الله أبنائه فلا يلقى المشاكل التي تحدثنا عنها حين عودته، وهناك من يُعَوِّد أبنائه على الحياة في بلادهم فيرسلهم في الأجازة الصيفية كلها ويتحمل غيابهم ليختلطوا بأهلهم ويحاولوا التعود على الوضع فيها وهناك وهناك وهناك...الكثير من الإبداعات التي يبدعها المسافرين لضبط أوضاعهم، أو الكرامات التي ينعِمُ الله عليهم بها. وهناك أيضاً حالات أشد سوءً يضطر فيها الأب لإرسال أبنائه وزوجته ليكملوا تعليمهم الجامعي في مصر، ويظل هو في الخارج وتتشتت الأسرة وتفتقد وجود الأب في فترة مهمة جداً من عُمر الأبناء وهي المراهقة.

السفر آلام وأحزان، وأسأل الله أن يرزقني حياةً كريمة في بلدي وعلى استعدادٍ أن أتحمل كل منغصاتها في سبيل دعوة من أمي وجهاً لوجه وقبلة على يدها أو بسمة من أبي وقبلة على يده.
ولكن للأمانة أختم فاقول أن الحزن الحقيقي هو على بلدي ووطني فلو أكرمت أبنائها كما يُكرَمون بالخارج لما تركوها وخرجوا منها فالمعاملة الآدمية التي يفتقدها معظم المصريون في بلدهم ويجدونها في الخارج هي التي تشجعهم على البقاء في الخارج، وسيكون لذلك تفصيل في خاطرة قادمة لأني أطلت الحديث في هذه الخاطرة.
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

خواطر حول السفر...الحلقة الثانية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله، فعلى الرغم من كَوْن السفر في زمننا الحالي أسهل بكثير منه في الأزمنة الفائتة، إلا أن الاطمئنان الداخلي قلَّ كثيراً، إلى جانب أن الواحد منا – وبخاصة الملتزم أو من يظن نفسه كذلك – إذا نظر لنفسه وهو يستعد للسفر يتعجب كيف أن هذا الذي يجتهد في الأسباب لتحقيق الأمان المادي والاجتماعي في الدنيا لنفسه ولأسرته هو ذاته الذي يدعي أنه يتخذ المعقول من الأسباب التي توصله للآخرة!! شتَّان واللهِ يا إخواني للأسف الشديد، وكلٌ منهم سفر، بل السفر للآخرة هو اليقين وهو الواقع لا محالة.

كيف يفكر الواحد منا طريقة تأمين حياة أسرته في غيابه للسفر ويتأكد من توفير كل سبل الحياة الكريمة وما يحتاجونه من أموال وسيارة وتدبير مختلف الأمور. كيف يشتري كل ما سيجهدهم شراؤه أثناء غيابه قبل السفر، وكيف يضبط أموره المالية واستحقاقاته المختلفة. كيف يظل يفكر فيما سيحتاجه أثناء سفره وهو يجهز حقيبته، سأحتاج كذا وكذا ويجب أن أشتؤي كذا علِّي أجده غاليَ الثمن هناك، وسأحتاج لكذا وكذا، ويجب أن أمر على فلان حتى آخذ منه كذا لأنه سيفيدني في رحلتي، يجب أن أسلم على أقاربي وأودعهم، يجب أن أجتهد في غلق كل ملفات معاملاتي المفتوحة...إلى آخر ذلك من أسئلة وتدابير واحتياطات يأخذها كلٌ منا عند سفره، فهل يا تُرى نفكر للآخرة بنفس القدر والكيفية؟! يارب أعِنَّا واغفر لنا وثبِّتنا على الحق.

أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الخميس، ٥ يوليو ٢٠٠٧

خواطر حول السفر (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غبت عنكم إخواني الأعزاء وأخواتي الفضليات لظروف السفر التي اعتذرت عن حضور الكثير من المناسبات بسببها، ومنها عرس إبراهيم العريان للأسف الشديد.وها هي الأيام تمر وأغادر الوطن ثانية في رحلة عمل لفترة قد تطول وتمتد لشهور عديدة بإذن الله، وها أنا الآن أكتب لكم من الرياض بالسعودية.
وأعتقد أن الكثيرين من الإخوة - وبخاصة أعضاء ملتقى الإخوان المسلمين - يتذكرون رحلتي إلى بيروت منذ حوالي ثلاث سنوات (نيسان 2004).
غادرت الوطن وللسفر خواطر كثيرة:
1- هذه هي المرة الأولى التي أسافر فيها بعد الزواج والإنجاب، فصعَّب ذلك الأمر عليَّ، حيث الاشتياق لزوجتي وابنتي الحبيبتين إلى قلبي.
2- شعرت بمشاعر غريبة ناحية السفر منذ أن وَطِئَت أقدامي أرض المطار، فمنظر المصريين المستقر بالسعودية وطريقة تشبثهم بالسفر، واستسلامهم للحياة السهلة والعَيْش الرغد، أزعجتني كثيراً.لا شك أن الله لم يحرم علينا رغد العيش، ولكن ما أقصده أن هؤلاء - ولا أقول الكل بالطبع - قد حددوا هدفهم من الحياة وهو جمع المال، وللأسف دون حد معين أو هدف محدد، وإنما الجمع من أجل المستقبل بغض النظر عن شكل هذا المستقبل وهل يُخّطَّط له أم لا.
في خارج بلدك وخاصة بلاد مثل الخليج والسعودية، لاتستطيع الكلام في الشأن العام أو نقده أو تغييره، لا تستطيع ممارسة أي نشاط في المجتمع بقوة وعَلَن، طبعاً إلا بعد استقرار يمتد لسنوات وسنوات،لا توجد حياة اجتماعية إلا في أضيق الحدود (بين ما يتواجد من أقارب ومعارف في الغربة ممن سافروا معك من وطنك أو ممن تتعرف عليهم خارج الوطن)، وكما أخبرني أحدهم، أن الواحد في كثير من الأحيان يُصادق فلاناً لأنه هو الوحيد الذي في طريقهأو بمعنى آخر هو التي تتناسب ظروف أوقاته مع أوقاتي، حتى لو اختلفت الطبائع.
لا يوجد حولك أحداث اجتماعية للأقارب، فلا عم أو خال أو جد أو جدة فضلاً عن أب وأم وزوجة وأبناء، وأبناء عمومة وأبناء أخوال...إلخ حتى تشاركهم أحداثهم ولو بالهاتف، ولكن القليل من المتواجد منهم معك خارج الوطن والمنهوك في عمله مثلك تقريباً.هذا ما قصدته، أن الحياة تتلخص في النهاية في ذهاب إلى العمل وإياب للبيت وجمع المال.
أتابع معكم خواطر حول السفر تباعاً بإذن الله.

الاثنين، ٢٥ يونيو ٢٠٠٧

حديث الذكريات...الحلقة الثانية (المرحلة الثانوية وتعرفي على الإخوان)

- استمر الحال على ذلك، حتى حاصرتنا الشهادة الإعدادية ولم يكن فيها نظام تيرم، وانشغلتُ بالمذاكرة، و غيَّرت مدرستي وانتقلت إلى مدرسة أخرى في المرحلة الثانوية، وكانت لغات أيضاً بفضل الله، وهناك تعرَّفت على 4 من الإخوان، وكانت معرفتي بهم عن طريق اشتراكي في الإذاعة ولذلك قصة: ففي أول حصة تربية إسلامية "دين" عندما قرأت القرآن، صفَّق لي المدرس وجعل الفصل كله يصفق لي، وأخذني إلى الأستاذ المسئول عن الإذاعة وقال له: "الشاب ده لازم يقرأ القرآن يومياً في الإذاعة" وقد كان إلى أن تخرجت من المدرسة والحمد لله.

- بدأ الإخوان في التقرب مني ومصادقتي، وأخذت الأمور تتطور بلقائنا اليومي في "الفسحة"، والتي كنا نصلي فيها الظهر. ثم دعوني لحضور مقرأة في مسجد بجانب بيتي، وتطورت العلاقات وتعمقت مشاعر الصداقة والحب، وجدتُ مجموعة من المحترمين والمتميزين دنيوياً ومظهرياً، يدعونني للالتزام بهدوء. بدأنا في حضور مسرحيات نقابة المهندسين في ذلك الوقت، ولعب الكرة معاً، ثم تُوِّجَ الأمر بمعسكر صيفي رائع عام 1993.

- في هذا المعسكر لأول مرة رأيت فيه أناساً يحافظون على الجماعة، وقيام الليل، ومدارسة القرآن وبعض الموضوعات القيمة، وتعلمت أن يكون لي وِرْداً قرآنياً يومياً وحفظت في هذا المعسكر بفضل الله أذكار الصباح والمساء. وفي نفس الوقت، لم يخلُ الأمر من اللعب والمرح والضحك، وحفلات السمر والفكاهة، والتي تخللتها بعض الأناشيد الإسلامية التي أعجبتني بالطبع بحكم حبي للغناء، أقول عُدتُّ وقد انقلب حالي، وقررتُ ألا أترك هذه الصحبة حتى نهاية حياتي.

- ظللت على علاقتي بالإخوان وبدأت أفهم الفرق بين حياتهم وحياة الناس العادية، وكيف يفكرون دائماً لفعل كل ما يفعل الناس ولكن بعد تنقيحه من كل ما يغضب الله. فحضرت الأفراح الإسلامية والمصايف الإسلامية واليوم الإسلامي والإفطار الجماعي...إلخ. وشغلتنا الثانوية العامة (سنتين) عن الانتظام الكامل، ولكن كانت هناك متابعة خفيفة من الإخوان، وزيارات من وقت إلى آخر ولقائات في الصلوات بالمسجد للاطمئنان عليّ وعلى مذاكرتي، ففهمت ووعيت وشعرت بمعاني الحب في الله والأخوة الصادقة.
انتظروا الحلقات المقبلة بإذن الله
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الأحد، ٢٤ يونيو ٢٠٠٧

ليلة جميلة...فرح محمد عبد الناصر وسمية عصام العريان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح القشدة على كل البشر...
بالأمس كان فرح محمد عبد الناصر وسمية عصام العريان.
وكنتُ أنا وزوجتي معزومين على الفرح.
كانت ليلة لطيفة جداً جداً وكان فرح هادئ ويغلب عليه الطابع العائلي.
وللأسف الشديد كنتُ مرتبطاً بموعد فلم أكمل الفرح، ولكن الوقت الذي قضيناه كان لطيفاً للغاية.
وماك قابلتُ بعض شباب الإخوان، مثل إبراهيم العريان (أخو العروسة طبعاً) ، أحمد الجعلي، ومن أرق الشخصيات كان الأخ مصطفى أنور شحاتة.
بالفعل رأيت الأخ مصطفى وتذكرت المَثَل المصري الذي يقول: "اللي خلِّف ماماتش"!!
طبعاً مصطفى نسخة طبق الأصل من الدكتور في الشكل (وليس الحجم) :):)
وصوته هادئ وبسمته رقيقة، بالفعل ذكرني بالدكتور أنور رحمه الله رحمة واسعة.
ودار حديث لطيف وطويل إلى حد ما بيني وبين معظم الشباب الذين يمثلون الجيل الأصغر من جيلي في الجامعة، فمعظمهم لم ألتقِهِ في أعوامي الجامعية، فكانت فرصة جميلة للتعرف على آخر أوضاع الجامعة والعمل الدعوي بها.
وكذلك بالطبع دار بيني وبين الدكتور عصام حوارٌ هادئ وجميل، سألني فيه عن أخباري وأخبار عملي وجزاه الله خيراً إذ أسدى لي خدمة إخوانية (على السريع كدة) في الفرح!!
المهم يا إخواننا، كانت ليلة جميلة وهادئة، وأسأل الله عزوجل أن يرزق أخي محمد وأختي سمية الحياة الهادئة السعيدة، وأن يرزقهم أيضاً الذرية الصالحة، وعقبال أختي وكل الأخوات والإخوة بل وكل المسلمين إن شاء الله.
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الخميس، ٢١ يونيو ٢٠٠٧

خواطر حول الوضع الفلسطيني (2)

يجب علينا التفريق بين شيئين، الأول عملية التطهير العسكرية نفسها التي قامت بها كتائب القسام، والثاني ما صاحَبَ ذلك من بعض الأعمال العنفوانية العشوائية الانفعالية، كنزع علم فلسطين ووضع راية حماس الخضراء، وقوع صورة ياسر عرفات وعباس ووضع الأقدام عليها، تسيير الموقوفين من جهاز الأمن الوقائي عرايا إلا مما يستر عورتهم وأيديهم فوق رؤوسهم، طريقة إعدام الخائن سميح المدهون...إلخ.

فالأمر الثاني، لا أظن أن أحداً منا يقره، ولا حتى قيادات حماس نفسها، فلازالت حماس تعمل من أجل التوافق ومصلحة الشعب الفلسطيني كله، وتاريخها منذ 20 عاماً يدلل على ذلك، فهي لم تفرق بين أي فلسطيني وآخر، وتعاونت مع كل الفصائل من أول تأسيسها حتى حكومة الوحدة الوطنية، فمستحيل أن يتهمها أحد بإعلاء الروح الفصائلية عن الروح الوطنية.

أما الأحداث التي أفردناها عاليه، فهي خطيرة وغريبة بالفعل ويجب أن يُحاسَب فاعلوها، ولكنها كما ذكرتُ – من وجهة نظري – لا تعدو كونها تصرفات فردية انفعالية عشوائية، ناتجة عن كبتٍ عاش تحته كل مواطن مظلوم تحت سيطرة القيادات الفاسدة وبخاصة الملتزمين وبخاصة من حركة حماس. مع اعترافي بأن ذلك أيضاً ليس عذراً، ولكنه مجرد تفسير.

أما الأمر الأول، ففيه شقين، السيطرة العسكرية نفسها، وطريقة هذه السيطرة. فالسيطرة في حقيقة الأمر حدث هام جداً وكان يجب حدوثه، فقد وصل حد الرعب الذي عاشه كل أبناء الشعب لقدر لا يصدقه أحد، وتم اقتحام المساجد وقتل الملتحين ونزع نقاب النساء، واقتحام المنازل. هذا بالطبع فضلاً عن إطلاق الرصاص العشوائي، وفرض الحصار على حركة الناس في الشوارع، الأمر الذي دعى حماس لمناشدة الرئيس عباس، والمجتمع العربي والدولي للتدخل، ووافقوا على عدم تصعيد الأمور لتجنب الفتن، ورحبوا بالذهاب إلى مكة واحتفلوا بنتائجه ولكن دحلان ومجموعته المدعمة من الأمريكان والصهاينة لم يهدأ لهم بال حتى يفسدوا الاتفاق، فاستمروا في تأجيج الصراعات بالأعمال التي ذكرناها آنفاً، فصبرت حماس أكثر وأكثر، وجاءت حوارات القاهرة أكثر من مرة بين الفصائل، ووعدت حماس بإنهاء ردها على أعمال فتح، ولكن فتح عادت إلى الأراضي وكأن شيئاً لم يكن، فماذا كان المطلوب من حماس؟ أن تظل صامتة على الدوام وتحول القطاع كله لمنطقة أعمال إجرامية ولا تحرك ساكناً؟؟!

أما الشق الثاني، طريقة السيطرة، فمن المؤكد أن أحداً لم يكن يحب أن تصل الأمور للحد الذي وصلت إليه، ولكن من الواضح أن قوات الأمن الوقائي وغيرها من قوات فتح، هي التي أصرت على الدخول في هذه المواجهة ورفضت التسليم، فما كان من حماس إلا تكملة المواجهة لتُحكِمَ سيطرتها، وفي خضم هذه المواجهات العسكرية لا أحد يستطيع السيطرة على الفعل وردة الفعل.

وهناك نقطة هامة وهي أن حماس حكومة، ومن حقها فرض سيطرتها، وذلك من أجل مصلحة الشعب، وحتى يستطيع أن يحاسبها بحق من ظَلَّ يحاسبها على الفلتان الأمني بينما كل الأجهزة الأمنية غير تابعة لها!! ورُفِضَ أن تتبع لها، حتى أن وزيرَين للداخلية قدَّما استقالتهما.

أطلت عليكم في هذا الحوار، ولكن إرادةً مني في إيضاح وتحليل ما حدث.
وأختم بنفس الدعاء الذي ختمت به في المداخلة الأصلية:

اللهم كن مع إخواننا، اللهم اهدِ لهم أنفسهم، اللهم بصِّرهم بالحق، اللهم اختر لهم الخير، اللهم اعف عنهم، وبارك في اجتهادهم واختر لإخواننا الفلسطينيين جميعاً خير ما تحب وترضى.

أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين

الاثنين، ١٨ يونيو ٢٠٠٧

خواطر حول الوضع الفلسطيني

بكيتُ واللهِ وأنا أسمع أو أقرأ لـ – لا أقول الفتحاويين وأنصار عباس – وإنما المستقلين من أكاديميين وأساتذة جامعات و رؤساء مراكز أبحاث ودراسات ما يقولونه عن حماس!

حركتي التي كنتُ – ولازلتُ – أقول عنها أنها التي تشعرني بأن لي الحق في أن أعيش بكرامة كمسلم سنيّ، هي بقايا رموز العزة والمبادئ.

تابعتُ الشأن الفلسطيني بمعقولية إلى حد ما، منذ فوز حركتنا الغراء بالأغلبية التشريعية ولا أنسى أبداً هذا التاريخ 25/1/2006م وكنت في رحلة مع الطلبة في صحراء الواحات ولم يصلني الخبر إلا يوم 26/1/2006م صباحاً.

وسمعت معظم خطب الجمعة للأستاذ القائد إسماعيل هنية وكلماته وأستاذنا الزعيم القائد خالد مشعل، ولَكَم عبَّرتُ عنهم وقلتُ: "إن حماس تعلم الناس كيف تُمارَس السياسة النظيفة".

وتابعت – كما تابع الكثير منكم – كيف تعاملت حماس مع مَن وضع يده في يد الكيان درءاً للفتنة واحتراماً للشرعية، ورغبة في التوحد وأملاً في التوافق، وحرصاً على لم الشمل وإعلاناً للقبول بمبدأ الشراكة السياسية والمُضِيِ قُدُماً في طريق التحرر.

ورأيتُ كيف تَخَلَّت معظم الدول العربية عن حماس فعلياً، على الرغم من تدعيم بعضها لهم على الورق بالقرارات والتأييد والمساعدات، وللأسف ذلك فضلاً عن تخلي العالم وما يسمى بالمجتمع الدولي كله!!

وتابعتُ أيضاً زعيم العملاء والخونة المدعو محمد دحلان، وهو يقود الفتنة وتسري قواته في الأرض فساداً وقتلاً وتدميراً منذ أن فازت حماس، ومحاولته لوأد اتفاق مكة، وأخيراً تأجيجه للوضع في غزة.

وقرأت وسمعت ورأيت الندائات التي أصدرها كل قيادات إخواننا في الداخل والخارج لقيادات فتح، وعلى رأسهم عباس، بإنهاء هذه الأوضاع ولاحياة لمن تنادي!

ولكن رغم كل ذلك لم أكن أحب أن تصل الأمور إلى هذا الحد ووقفت عاجزاً تماماً عن التحليل والرد!

هل انتهى الحلم الذي رأينا فيه أول حكومة بقيادة إخوانية مخلصة، تؤم الناس في الصلاة وترفع الأذان وتدوس على متاع الدنيا وتضحي وتضرب المثل بالقدوة وتلتقي بالشعب في المساجد، وتبذل وتفكر لحل مشاكل الناس الاقتصادية والاجتماعية، وتتعاون مع مخالفيها قبل مؤيديها ولاتتنازل عن الثوابت؟!

سنرى بعد انقلاب "عباس" على الدستور والقانون الأساسي الفلسطيني (الدستور)، وتكليفه لسلام فياض بتشكيل حكومة ما أسماها "إنفاذ حالة طوارئ" وهو ما تم بالفعل وأقسمت اليمين أمامه ظهر أمس!!

اللهم كن مع إخواننا، اللهم اهدِ لهم أنفسهم، اللهم بصِّرهم بالحق، اللهم اختر لهم الخير، اللهم اعف عنهم، وبارك في اجتهادهم واختر لإخواننا الفلسطينيين جميعاً خير ما تحب وترضى.

أخوكم الغارق في الألم/
المنشد العام للإخوان المسلمين