- الجامعة مجتمع كبير ومليء بالأسرار والخبايا. ومن المعروف أن كل البلاد تُقاس فيها إيجابية المجتمع عن طريق جامعاتها وشباب هذه الجامعات، مواقفهم، آرائهم، حجم تحركاتهم ومدى تأثيرها، المدارس الفكرية/ الحزبية/ السياسية ومدى تجاوب المجتمع الطلابي مع كل مدرسة فكرية...إلخ.
- بعد أن تعلَّمنا العمل في الدفعة، جاءت أول انتخابات في الكلية، وتعرفنا فيها على اتحاد الطلاب وأقسامه ولجانه، والترشيح والشطب ورفع القضايا. وإلى جانب ذلك تعلمنا أن العمل والإخلاص لله وليس للفوز بمقعد في الاتحاد أو غيره، وتعلمنا معنى خدمة الناس وأن خير الناس أنفعهم للناس، ومعاني التضحية بالوقت والجهد والبذل وتقسيم وتنظيم الوقت بين المحاضرات والسكاشن والمعامل والتجارب العملية من ناحية وبين العمل الدعوي من جهة أخرى.
- كل لحظة في الجامعة مع الإخوان تربية عملية، كيف تستقبل زملائك ببسمة، كيف تؤثر فيهم، كيف تكون هادئاً قابلاً للنقاش، قادراً على ضبط نفسك وسلوكك ورد فعلك، صبورا لسماع وجهات النظر المتعارضة مع وجهة نظرك.
- الانتخابات الطلابية، تعلمنا فيها من إخواننا كيفية الوقوف أمام اللجنة بثبات ومراقبة شديدة وعَدُّ الذين يصوِّتون، وكان الآخرون يتنازعون ويتشاجرون لأن أحدهم وقف أكثر من الآخر وأكثرهم منشغل بحوار مع "زميلته" مع تدخين السجائر المستمر، بينما الإخوة يتنافسون في الإيثار بينهم وبين بعضهم، وكل أخ يُؤثِر أخاه بما معه من قليل طعام أو حلوى، ويمر أخ على كل اللجان ليوزع عطراً على إخوانه ويقول لهم: "عشان رائحتك تبقى حلوة في الحر ده"، ومعظمهم منشغل بالذكر وتلاوة القرآن.
- وكان زملاؤنا ينبهرون بانتظارنا لنتيجة الانتخابات وإصرارنا على عدم مغادرة الكلية حتى ينتهي الفرز، ويتخلل تلك الفترة أدعية وأناشيد مبهجة وتوزيع ابتسامات على الناس.
- طبعاً لم يكن شغلنا الشاغل هو الفوز في الانتخابات، ولكننا كنا نترشح ونحرص على الفوز فيها حتى تكون في أيدينا أدوات تسهل لنا ممارسة الدعوة، فرحلة تحت مظلة الاتحاد يختلف المجهود المطلوب لها عن رحلة ننظمها ذاتياً. وبالموازاة مع كل ذلك، وكما يعلم الإخوان فإن الجلسات التربوية لم تنقطع وهي التي يقرأ فيها الإخوان القرآن ويتدارسون الحديث مع السيرة وبعض الأخبار المحيطة...إلخ.
- فزنا في انتخابات هذه السنة (1996/1997) بأغلبية مقاعد الاتحاد، وكانت السنة 23 على التوالي تقريباً التي نفوزفيها بأغلبية – لعل مجدي سعد يصحح لي هذا الرقم إذا دخل على مدونتي – وكانت المرة الأولى التي نحضر فيها – نحن طلاب السنة الإعدادية – الاحتفال بالفوز، طفنا أرجاء الجامعة والكلية إنشاداً وهتافاً بشعاراتنا الإخوانية الخالدة التي أقبل عليها الناس من فضل الله وشاركونا فرحة الفوز. فَعَلَت الأصوات: "الإسلام هو الحل...شرع الله عزوجل" – "إسلامية إسلامية...كل الجامعة إسلامية" – "الله أكبر ولله الحمد"...إلخ، وكنا نقول الشعارات بوجوه مبتسمة وبسعادة غامرة وليس من قبيل التحدي، وكان وَقْع كلمة "إسلامية" قوياً وقصدنا به مجرد فوز التيار الإسلامي الفكري بمقاعد اتحادات الطلاب وليس معناها أن الباقين غير مسلمين لاسمح الله، وكانت الناس سعيدة وتحبنا ونحبها من فضل الله. وكانت هذه الشعارات لا تُسمَع في أي بقعة من بقاع شوارع القاهرة، لذلك كانت بالنسبة لنا - نحن أهل المدينة - متنفسٌ نعبر فيه عن انتمائنا الإسلامي الإخواني، لأن إخواننا في الكثير من محافظات الريف تقريباً تعتاد على ذلك ولا تستغربه.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله...
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق