الأربعاء، ٢٣ يونيو ٢٠١٠

معنى أن تخرج في قافلة إلى غزة

كثيرا ما نقرأ عن معاني الإباء والصمود والعزة والجهاد والاستشهاد، وكثيرا ما نرى أمثلة شاهدة على ما نقرأه، وكثيرا ما نسأل الله أن يرزقنا جهادا في سبيله، وشهادة عند الموت.

وتقف أمامنا الأنظمة الحاكمة ورفضها لمبدأ الجهاد، ورفضها لمبدأ الدفاع عن الكرامة بل والسيادة الوطنية. ونصطدم أيضا ببطش هذه الأنظمة بكل من يدعو إلى أو يقيم أو يشارك في عمل ولو رمزي لمناصرة هذه المبادئ أو الحركات التي تتمثلها.

وأصبح الجواب المستقر عندما تحدث أحدا عن قضية فلسطين: 'طب نعمل إيه طب؟'، تقول لهم: إصلاح النفس والتقرب إلى الله، الجهاد بالمال، المقاطعة والدعاء فيستهزئوا بك ويقولون نريد جهادا وحربا وسترى منا ما لا تتخيله.

هذه المشاعر جميلة، وبإذن الله تكون صادقة، وبالفعل إذا تم فتح باب الجهاد سنجد كثيرين يتقدمون الصفوف، ولكن السؤال الآن: ما هي نسبة من سيتقدمون بالمقارنة بعدد الذين ينبغي فعلا أن يتقدموا؟ والسؤال الأهم الذي ينبغي لكل منا أن يسأله لنفسه: هل إذا ذللت كل الصعاب من الأنظمة، هل سأكون من هؤلاء المتقدمين؟؟

سؤال هام، وتفكير مطلوب، وصراحة تتطلبها الأحداث.

قديما قال الإمام الشهيد بإذن الله حسن البنا: 'ميدان القول غير ميدان العمل'، ويجب أن نعلم جميعا أن الحرب أو الجهاد بقدر ما يعتمد على اقتصاد عسكري يسانده، واستعدادات واستراتيجيات، وخطط، وتدريبات ميدانية، فإنه يعتمد ابتداء على عقيدة، وهي تسمى في العلوم العسكرية وعند الجيوش: 'العقيدة العسكرية'، وهي تعبر عن العقيدة والرسالة والأهداف التي تدفعني لخوض المعركة وتحقق بداخلي القناعة بأهمية التضحية حتى بالنفس...

وهذا الأمر العقدي والفكري لا يتكون في لحظة 'الحيعلة' أي اللحظة التي ينادى فيها: 'حي على الجهاد'، بل يجب أن يربى على مدار وقت طويل ومن مجموع مواقف أقل صعوبة من ميدان القتال العسكري، وإنما تصب في نفس الاتجاه.

فمثلا، كيف لا أستطيع أن أجاهد نفسي في الامتناع عن التدخين أو ضبط ملابسي على الشرع أو المحافظة على صلاة الفجر، ثم بعد ذلك أسأل الله الجهاد أو الشهادة.

ومن يستطيع فعل ذلك دون التدريب، فلن يأتي نصر على يديه، وإنما قد يحقق نجاح ما.

من هذا المنطلق، إذا كنا حقا صادقين في أمنية الشهادة، يجب أن نعرض أنفسنا على التدريبات العملية التي يضعها الله في طريقنا لنصل لهذه المرحلة.

فمن جهاد النفس فيما سبق من أمور، لجهادها في فراق الأهل بالاعتكاف، لجهادها في المشاركة في المؤتمرات والندوات التي تناصر قضايا الأمة، لجهادها في نفاق الأموال في الصدقات ومساعدة المجاهدين...إلخ.

في التدوينة القادمة نتابع بإذن الله 'معنى أن تخرج في قافلة لغزة'.

أخوكم
المنشد العام للإخوان المسلمين