حين يُطالع الناس أخبار إخواننا المعتقلين أو المحالين للمسرحية العسكرية، فإن غالب ما يفعلونه هو مصمصة الشفاه وقوْل: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وقد يردفون ذلك بدعاء على الظالمين. والكثير جداً ممن أقابلهم في عملي حياتي يقولون: "عادي، اتعودوا على كدة".
وفي مرة من المرات تزامن القبض على مجموعة من إخواننا مع الحكم على مرتضى منصور، فوجدتُ بعض الزملاء في عملي غاضبين جداً، ويقولون أن مرتضى منصور مظلوم، ومع كرهي للظلم واعترافي بعدم اضطلاعي الكامل على قضية الأستاذ مرتضى، إلا أن ما أثار عجبي أنني عندما قلتُ لهم: "واللهِ يا إخواننا مش مرتضى وحده اللي مظلوم، طب ما الإخوان المحالين للعسكرية نهبت أموالهم وثرواتهم التي ظل بعضهم يبنيها في عشرات السنين، وأجيال الأجداد تورثها للآباء ثم الأبناء، وفجأة وفي لحظة واحدة ودون جريرة أو ذنب، وبرَّأهم قاضيهم الطبيعي 3 مرات، ثم أحيلوا إلى العسكرية ليُحكَم عليهم حتى لو كانوا أبرياء!!" قالوا لي: "طب دول ماشي معروف إنهم عشان إخوان، وهم اتعودوا على كدة، لكن منصور فعلاً مظلوم!!" – يا سبحان الله!! أرأيتم هذا المنطق؟!
على الرغم من أن مرتضى منصور يلقى معاملة فوق الممتازة في السجن، كما ذكر أيمن نور في بلاغه ضده الذي نشر خبره العديد من الصحف في الفترة الأخيرة!!، بينما ترفض السلطات حتى تحويل العديد من معتقلي الإخوان للعرض الطبي، فضلاً طبعاً عن رفضها الإفراج الطبي عن معظم المعتقلين (مثل الشيخ المجاهد أبو الفتوح عفيفي، والدكتور حسن زلط، والمهندس خيرت الشاطر، والدكتور عصام حشيش وكثير غيرهم ذكر المهندس خيرت في توضيحه للحالة الطبية للإخوان المحالين للعسكرية الذي نشره موقع "ثمن الحرية")
هذا هو جزء من الشعب الذي نعيش بينه، لا أنكر وجود آخرين يتحدثون بأفضل من ذلك، لذلك أنا من أشد المشجعين لجميع أبناء المعتقلين والقريبين منهم ومدوني الإخوان عموماً أن يدونوا، لكي يشرحوا للناس ما يحدث في هذه الأحداث، لكي ينشروا للعالم كم انتهاك الحريات والنفسيات، وكم الهدم النفسي والحرب الشرسة على كل مصلح ومعارض للنظام، ولكي يفهم الناس أن سجين الرأي – مهما كان – يختلف اختلافاً كبيراً عن السجين الجنائي، ويجب أن يلقى كل احترام وتقدير ودعاء لفك الكرب، ومساندة، بل ويجب أن يستحوذ على مشاعر الناس أكثر من السجين الجنائي، حتى وإن كان بريئاً. وذلك لأن احتمال اتهامه يكون في جرم، أما سجين الرأي والمعارضة السياسية فلا احتمال أصلاً لأن يكون مجرماً حتى لو حُكِمَ عليه بالسجن.
حتى الحكومة تفرق بين هذا وذاك، وتسمي بعض الجرائم: "جرائم غير مخلة بالشرف"، ولا ينبني عليها شطب من النقابات أو حرمان من الكثير من حقوق المواطن.
وتعالوا لأسرد لكم في هذا المقال هذه الخواطر القليلة حول الوضع النفسي والاجتماعي للمعتقلين وأسرهم، من خلال التفكر في بعض أحوالهم:
1- تزوج إبراهيم العريان – نجل الدكتور عصام العريان – من خُلَيْدة سناء أبو زيد – كريمة الدكتور سناء أبو زيد – وبعد أقل من شهرين تقريباً، تم القبض على الدكتورَيْن عصام وسناء، ووجد كلٌ من العروسين نفسه بلا أب. ما أسوأ الشعور النفسي، وبخاصة أنه في بداية الحياة الزوجية يحتاج العروسين للاستشارة في أمور كثيرة تتعلق بالحياة وطريقة إدارتها، وطريقة إدارة حوار زوجي و التعامل مع الخلافات بين طبائع الزوجين مما يؤدي لحياة هادئة مستقرة...إلخ. ولكن حتى هذا الحق، يُحرَم منه أبناء الإخوان. والحمد لله أن مَنَّ الله بالإفراج عن الدكتور سناء بعد أن كاد يقضي حتفه من المرض داخل السجن، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
على الرغم من أن مرتضى منصور يلقى معاملة فوق الممتازة في السجن، كما ذكر أيمن نور في بلاغه ضده الذي نشر خبره العديد من الصحف في الفترة الأخيرة!!، بينما ترفض السلطات حتى تحويل العديد من معتقلي الإخوان للعرض الطبي، فضلاً طبعاً عن رفضها الإفراج الطبي عن معظم المعتقلين (مثل الشيخ المجاهد أبو الفتوح عفيفي، والدكتور حسن زلط، والمهندس خيرت الشاطر، والدكتور عصام حشيش وكثير غيرهم ذكر المهندس خيرت في توضيحه للحالة الطبية للإخوان المحالين للعسكرية الذي نشره موقع "ثمن الحرية")
هذا هو جزء من الشعب الذي نعيش بينه، لا أنكر وجود آخرين يتحدثون بأفضل من ذلك، لذلك أنا من أشد المشجعين لجميع أبناء المعتقلين والقريبين منهم ومدوني الإخوان عموماً أن يدونوا، لكي يشرحوا للناس ما يحدث في هذه الأحداث، لكي ينشروا للعالم كم انتهاك الحريات والنفسيات، وكم الهدم النفسي والحرب الشرسة على كل مصلح ومعارض للنظام، ولكي يفهم الناس أن سجين الرأي – مهما كان – يختلف اختلافاً كبيراً عن السجين الجنائي، ويجب أن يلقى كل احترام وتقدير ودعاء لفك الكرب، ومساندة، بل ويجب أن يستحوذ على مشاعر الناس أكثر من السجين الجنائي، حتى وإن كان بريئاً. وذلك لأن احتمال اتهامه يكون في جرم، أما سجين الرأي والمعارضة السياسية فلا احتمال أصلاً لأن يكون مجرماً حتى لو حُكِمَ عليه بالسجن.
حتى الحكومة تفرق بين هذا وذاك، وتسمي بعض الجرائم: "جرائم غير مخلة بالشرف"، ولا ينبني عليها شطب من النقابات أو حرمان من الكثير من حقوق المواطن.
وتعالوا لأسرد لكم في هذا المقال هذه الخواطر القليلة حول الوضع النفسي والاجتماعي للمعتقلين وأسرهم، من خلال التفكر في بعض أحوالهم:
1- تزوج إبراهيم العريان – نجل الدكتور عصام العريان – من خُلَيْدة سناء أبو زيد – كريمة الدكتور سناء أبو زيد – وبعد أقل من شهرين تقريباً، تم القبض على الدكتورَيْن عصام وسناء، ووجد كلٌ من العروسين نفسه بلا أب. ما أسوأ الشعور النفسي، وبخاصة أنه في بداية الحياة الزوجية يحتاج العروسين للاستشارة في أمور كثيرة تتعلق بالحياة وطريقة إدارتها، وطريقة إدارة حوار زوجي و التعامل مع الخلافات بين طبائع الزوجين مما يؤدي لحياة هادئة مستقرة...إلخ. ولكن حتى هذا الحق، يُحرَم منه أبناء الإخوان. والحمد لله أن مَنَّ الله بالإفراج عن الدكتور سناء بعد أن كاد يقضي حتفه من المرض داخل السجن، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
2- هذا هو العام الثالث على التوالي الذي لا يحضر فيه الدكتور عصام العريان رمضان مع أسرته، وكل بيت مسلم يتوق لرمضان حيث موعد الإفطار الذي يحترمه الجميع، ولا يتعارض مع أي عمل أو ظرف، فتكون فرصة جميلة لاجتماع الأسرة بكاملها، لأن ذلك يصعب طوال الفترات الأخرى من العام.
3- يتم تأجيل جلسات المحكمة العسكرية يومين وثلاثة أيام، وهذا الأمر على الرغم من كونه أفضل من الانتظار شهور أو أسابيع لتكملة مسرحية معروفة نهايتها سلفاً – بالحسابات المادية ولكن الأمل في قدر الله لا ينقطع بالطبع – فلكم أن تتخيلوا أسر المحالين للعسكرية من أبناء المحافظات، وما يكونون فيه من حيرة بين معاودة السفر والعودة مئات الكيلومترات، أو محاولة المكوث عند أحد من الأهل أو الإخوان والمبيت عندهم، مع ما قد يسببه ذلك من إحراج، وتكلفة...إلخ، أو يمنع ذلك بعضهم من الحضور، مع احتياجهم الشديد للوقوف بجانب عائلهم لدعمه النفسيّ والمعنويّ.
4- تنام الزوجة بمفردها، بلا أنيس ولا ونيس، أو مستشار. كانت تستشيره في كل صغيرة وكبيرة، لحظات مناقشاتهم الخاصة قبل النوم تكاد تكون الوحيدة التي يتناقشون فيها سوياً وينعمون بتجاذب أطراف الحديث بعد يوم طويل وشاق، من الافتراق بسبب العمل والأولاد وظروف الحياة، بل والعمل الدعوي. هل تخيل أحد هذا الموقف؟ هي الوحيدة في الأسرة التي كانت تصاحبه حتى عند النوم ثم تحولت تقاسي الوحدة في النهار والليل!
هذه اللقطات التي لم أجد مَن تَطَرَّقَ لها هي بالتحديد، وإن كان إخواني وأخواتي من أبناء المعتقلين والمحالين للعسكرية قد أفاضوا في توضيح مشاعر أخرى وظروف أكثر.
نسأل الله لهم الثبات على الحق والصبر والأجر، وأن يجمع بينهم وبين ذويهم على خير، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين
هذه اللقطات التي لم أجد مَن تَطَرَّقَ لها هي بالتحديد، وإن كان إخواني وأخواتي من أبناء المعتقلين والمحالين للعسكرية قد أفاضوا في توضيح مشاعر أخرى وظروف أكثر.
نسأل الله لهم الثبات على الحق والصبر والأجر، وأن يجمع بينهم وبين ذويهم على خير، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أخوكم/
المنشد العام للإخوان المسلمين